طوفان الأقصى والألعاب النارية


زادنا طوفان الأقصى كياسة بعد دعمِ وإسنادِ بعضِ بني جلدتنا وديننا للمحتل، وتوسطِ بعضهم العصا، لإرضاء الذئاب وتجويع الخرفان، وتظاهرِ طائفيين بديننا، وتوشحهم رايات فلسطيننا دون تنفيذ، ولا إسناد، تجنبا لسحق الأقصى مصداقية الحسينيات، مؤسسي التمرد على الخلافة السنية، مبيدي المسلمين تحت حكمهم كالفاطميين والعبيديين والقرمطيين والبويهيين، والخمينيين الفارسيين، الطاغين في البلدان باسم الإسلام، فقتلوا وذبحوا وسبوا واغتصبوا وشردوا سنة العراق وأعانوا عليه حلفاءهم الأمريكان والكيان، وفي سوريا، ولبنان واليمن والأفغان، يتماوتون حين الاستضعاف، ويتختلون الصفوف إلى الاستقواء، مع غفلة حكومات ومفكرين ومثقفين بحجة الحريات المزعومة، والوحدة الموهومة.
إن العارف بتاريخ أعداء النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه وصحابته وأهل سنته، واغتيالهم سيدنا الحسين رضي الله عنه، بعد خديعة البيعة والولاء، وغيابهم عن الفتوحات الإسلامية، وخيانتهم الثغور، لا يبهت عن خذلانهم المقنع، ووعودهم الكاذبة.
أحرجهم طوفان الأقصى، وفضح تظاهرهم، وادعاءهم الإمداد بسلاح ليرهنوا علاقات قيادات حماس والجهاد بهم، المتفطنين المضطرين أمام الخذلان العربي الإسلامي، وخاصة دول الجوار.
لا يشك عاقل في الخدعة السينمائية هذه الأيام بتراشق كألعاب نارية متفق على مداه ومواعيده، لتحقيق مشاريع الكيان في إيران، ومشاريع إيران في الكيان، كاستنهاض المصداقية الفارسية عند المسلمين بعد اهتزازها بالركون والتخاذل والتباطؤ والبخل على الغزاويين مادةً وتسليحًا، والاكتفاء بالدعم الإعلامي المعنوي الذي تُعْلَمُ عَرَضِيَّتُهُ على العدو، ويكذبه كل مسلم متين العقيدة.
لو أخلص الفرس لهددوا صادقين على الأقل، أوقصفوا قواعد وخيام جيش العدو في غزة لينسحب فارًا، كالتهديد الصادق من الرئيس المصري محمد مرسي رحمه الله، فتوقف الاعتداء على غزة وبأمر من أمريكا فورا، لكن لما تفرَّج المعممون على القتل والدمار والتعذيب والدفن الحي والإبادة والترحيل والتشريد وقصف المقدسات الدولية كالمستشفيات، فقد تآمروا مضمرين السكوت الراضي على الأقل.
كان الإعلام قديمًا ضيق المجال، متباعد المكان، تعرف الوقائع والمواقف والممثلون والفاعلون في المشاهد المختلفة بدراسة تاريخية، أما الآن فقد فتحت مصاريعه، جرائد، قنوات تلفزية، تطبيقات إلكترونية، مواقع تواصل واقعية لا افتراضية مؤثرة إيجابًا وسلبًا على مجالات وشخصيات حقيقية واعتبارية، لتُعلم تفاصيل المجريات في أحيانها، بدون دراسات تاريخية.
أمام هذا الزخم الإعلامي الفاضح، يغفل بعض المثقفين والمفكرين عن:
1/مغتالي القائد القسامي العاروري في الضاحية الجنوبية اللبنانية المحروسة بشدة من قبل الذراع اللبناني لإيران، وبعض شخصيات الحرس الثوري، وطبيعةِ قصف العدو السفارة الإيرانية في سوريا، ثم الرد الصاروخي الإيراني المزعوم على العدو وفي بقاع خالية، ثم الإعلان عن انتهاء الرد، في رقصة مضحكة.
2/تصريح وزير الخارجية الفارسية بتسليمه أمريكا وبعض دول الجوار موعد الرد، ليستحمرنا عن أساسيات العمل العسكري السري.
3/الذبح الفارسي للفلسطينيين في صبرا وشاتيلا، وتعذيب السوريين، وإبادة قرى كاملة في اليمن، ومداهمة ديار وممتلكات العراقيين دون إعلام، أما الذي يتبجح بعداوته فيضع أمامه جميع معطيات الرد العسكري.
4/صرف هذه الألعاب النارية الرأي العالمي عن الحرب على غزة.
الجمهورية الفارسية كيان في المسرح الدولي، تمارس معنا السياسة لا الدعم، وبعقيدة مضبوطة، فلنتجنب أوهامها، والتطبيل والإجلال والتكبير والتهليل لها والتسبيح بحمدها.
حربها للاحتلال مستحيلة وهو الذي أمدها بأسلحة في حربها ضد العراق، وتحتضن شركاته الاستثمارية، وجاليته.
إن شطحتها تمديد عمرٍ سياسي لرئيس وزراء الكيان، وإعادة بعض التعاطف الغربي للمحتل، ولو كانت صادقة لأثخنت مواقعه المسلحة بغزة.
فلنحفظ الوعي المتنامي لفئة عريضة من المسلمين أبصرت حقيقة الحركات الباطنية، وأضافت إليها الألعاب النارية مزيدَ فهمٍ عميقٍ لفكر واستراتيجية الفرس تجاهنا، وتجاه العدو.
الأستاذ سعدالدين شراير

أستاذ مادة العلوم الإسلامبة في التعليم الثانوي، متخرج من جامعة الجزائر العاصمة بشهادة ليسانس في العلوم الإسلامية، خبرة 37 سنة تدريس

إرسال تعليق

أحدث أقدم