طوفان الأقصى واحتمالات النهاية

العالم موقنٌ بالظلم المسلط على الأمة الإسلامية، وعلى غزة خصوصا، وفلسطين عموما، ويعلم أنه من الأسباب المفجرة لطوفان الأقصى، عسى أن يُسَاوَمَ العدوُّ بنتائجه، وتيسر السبل نحو حياة أفضل إن اتعظ الاحتلال، لكنه اجتاح غزة جوًا وبرًا، دَمَّرَ جمالها، وأباد أرواحها، للقضاء على شعبها، لا على حماس والقسام فقط كما يبدي لسانُه، والله أعلم بما يكتم.
ومع الدمار وبطء الفرج، أرى ثلاث احتمالات للنهاية:
1/سيناريو انسحاب العدو تحت الضربات الجهادية المُثْخِنَةِ، وتبادل الأسرى، وعودة النازحين، وتعطيل المخطط الإسرائيلوغربي، وإعادة إعمار غزة، وهو أمل كل مسلم غيورٍ على الأرض والعرض، متألمٍ لسير الأرواح نحو اللحود بأعداد متسارعة، منتشٍ بمجاهدين أمام مدرعات آخر طراز، لفضح معادلة: الاحتلال ــ مدد غربي = 00.
لكن ليس من سلامة التفكر والتدبر التقيد باحتمال واحد، فالمسلم يفكر في أسوأ الاحتمالات، للنجاة منها، دون نرجسية مخدرة.
2/سيناريو عجز المقاومة عن إجبار الاحتلال على الانسحاب ولو باستعلاء يحفظ له وهم القوة القاهرة، خاصة مع تباين ميزان القوة، فهو يستمدها من أسلحة حلفائه الغربيين، وللمقاومة الرصيد المتواجد داخل الأنفاق، باستعمالات محسوبة جدا لئلا تتعرى بنفاده، ودول الطوق تجبن عن تزويده العلني، باستثناء الإمداد السري باهض الثمن.
احتمال سيؤول إلى تقسيم غزة، واحتلال مينائها لسرقة الغاز، مع منع عودة اللاجئين من سيناء، دون تبادل الأسرى، وتغييب سلطة حماس، وبقاء الفعل الميداني للمقاومة كحرب استنزاف في إطار النصر أوالاستشهاد، وتهديد أمن الاحتلال، ووقوعه في مستنقع وضعه فيه الحلفاء الغربيون، لفضح معادلة: الاحتلال + الإمداد الغربي = غار الدبور.
بدليل تعطيل صفقة توقيف القتال، وتفعيل التشريع البرلماني تجنبا للمساومة بأسراه، والمضي قدما في الحرب، والقصف والتوغل، وسقوط الشهداء جزافا بانتقام حاقد، والتجويع، ومحاولات التهجير القسري نحو سيناء، بحشر المدنيين في رفح التي تصاعد الحديث الديبلوماسي عنها هذه الأيام، وضبابية أفق النهاية، واغتنام مرونات مفاوضي حماس لتخفيض حجم المطالب الفلسطينية، وتدخل أمريكا في الساحل الغزاوي لبناء ميناء بحري بحجة مساعدات شقت لها طريقا يقسم غزة شمالا وجنوبا، وإخفاء مقصد الاستفراد بالغاز، ونفاق مقارباتها العلنية والسرية.
نتائج هذا الاحتمال:
أ/تكريس الاحتلال.
ب/تحميل مبادرة السابع أكتوبر التسبب في العدوان.
ت/ تحميل حماس والقسام مسؤولية سقوط الأرواح، لأنها مع النصر ثمن مقدس، ومع الانهزام هدرٌ.
ث/انقلاب العالم الإسلامي بمخلصيه ومنافقيه وعملائه ضدهما، والنيل من الحركة الإسلامية عموما.
ج/تثبيت تهمة الإيعاز الإيراني وترك السنة لحتفهم.
ح/تسريع المخطط الغربي قبل وقته في المنطقة.
خ/حدوث إحباط معنوي يجعل النصر سرابا، ويستهجن بوسائله الحربية المتاحة الآن.
د/تبرير اصطفاف المترددين في طوابير التطبيع خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة، واستبداد يمنع الحديث عن فلسطين.
ذ/تَذَكُّر الشعوب المسلمة محاولات النهوض المنتهية بانتكاسات محطمة، كأملها المنكسر في عراق صَدَّام حسين، والربيع العربي، وثني إسلاميي مصر عن استئناف الحكم، وتبخر مفعول الحراك الجزائري، تعميقًا لمعاني النهايات اليائسة.
3/سيناريو تسليم غزة لسلطة فلسطينية عميلة وصفها بلينكن بالقوية تصريحا لا تلميحا.
نتائج هذا الاحتمال:
أ/احتلال غزة تحت غطاء فلسطيني.
ب/الاستبداد بالغزاويين، وقمع حماس، وبسط نفوذ شرطة فتح نيابة عن الكيان.
ج/اقتتال داخلي مسلح كالذي حدث قبل تحرير غزة، يغذي فتنته الاحتلال لتوهين سلطة فتح في إطار فرض توازنات.
قد تعيد المراجعات المختلفة القطار إلى سكته إن توفرت الهمم الجديدة، وقد يعيقها الفشل المعنوي إن غَشَّى على النفوس ظِلاَلاً تمدد عمر الاحتلال، وبسنوات ذل وصغار، ما يحتم على الفصائل المجاهدة مواصلة الحرب إلى آخر نفس.
الأستاذ سعدالدين شراير

أستاذ مادة العلوم الإسلامبة في التعليم الثانوي، متخرج من جامعة الجزائر العاصمة بشهادة ليسانس في العلوم الإسلامية، خبرة 37 سنة تدريس

إرسال تعليق

أحدث أقدم