طوفان الأقصى والوعي المطلوب


أذهلَ طوفان الأقصى العالمَ من كل النواحي، لكنَّ جمهرةً مسلمةً خارَ وعيها، نسبت الدعم والإسناد لإيران، بوشاح فلسطيني مخدِّرٍ على عاتقيْ المرشد الفارسي، ليوهم بتحرير الأقصى، واستقطابِ المسلمين، بمظهر ديني موافق، وذكاءٍ وصائي، ونِيَّاتٍ سُنِّيَّةٍ ساذجة.
إعداد السنوات الخالية، والتربية العقدية والأخلاقية والجهادية لنخبة غزَّاوية ليس صنيعَ دولة أراد خُمَيْنِيُّهَا استعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية، ولما سئل عن الحج قال "سأحج مكة فاتحا" ملغيًا فتح النبي صلى الله عليه وسلم.
تعاملتْ الطغمة الفارسية في مناسبات عديدة بذكاء كبير، لِقَوْلَبَةِ الغضب الجماهيري المسلم، بتلويح ظاهري مخادع "رمي المحتل في البحر"، تحت ضحك العدو على الذقون، وعلمِه ووكلائه بكل شيء، وتسييرهم الأحداث، للتوافق التاريخي والعلائقي الخفيِّ مع الفرس، المانح لهم مواجهة الجبهة السنية، ومغازلة شعوب كبَّلتها أنظمتها، استحياءً أوجبنًا أوخوفًا من القوى الكبرى، أوعمالةً لها، أواعتبارًا لعلاقات ديبلوماسية تتجنب إحراجها الصريح في الأروقة الحكومية والمحافل الرسمية.
تحرير فلسطين، بالشعارات الفارسية وهمٌ كاذبٌ رُفِعَ استجلابا للمصداقية منذ عقود.
ومزاعم الإمداد الإيراني استغباء ذاتي، وتجاهل قدراتيٌّ، وانبهار شعاراتيٌّ، وصَرْعٌ وهميٌّ، واحتقارٌ داخليٌّ، لا يحق لصاحبه التألم لجراح الإخوان، وتمني نصرهم.
أتعجب من:
1/عقولٍ خرقاء تنسب مخططات المقاومة الفلسطينية لبعض القيادات الفارسية كقاسم سليماني مجرم المذابح المروعة ضد السنة في الأحواز، ولبنان، وسوريا، وتغضُّ عن الشكوك في تآمر الذراع اللبناني الشيعي على مقتل العاروري أحد مهندسي القسام.
2/غيابِ الوعي بالتاريخ القاصِّ علينا حقيقة النواة الأولى المؤسسة لحركة التشيع، والتغابي عن إجرامها البشع، بمجرد لافتة يرفعها الملالي أوأذرعهم في مناطق مختلفة.
3/سهوٍ عن بُغْضِ الشيعة لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، رغم تملقهم الذكي لآل البيت وقرابة سيدنا علي رضي الله عنه.
4/نسيانِ الفارق الديني بين السنة والشيعة والتردي بالعاطفة الحالمة.
5/أمةٍ تتوق إلى إنهاء وصايات الاستعمار القديم الجديد، ثم يخونها وعيها لتلبس رداء الوصاية الفارسية، وتُعَبِّدَ لها طريق الاستيلاء على الكعبة وهي لا تدري.
6/مسلمين يتوقون إلى التحرر، ينفون عن إخوانهم استقلالهم في إعداد سلاحهم ضد المحتل، بسهو غارق في تناقضات واضحة.
زخَّاتُ الرصاص الواردةُ من جنوب لبنان مجرد استغفال طالب للمصداقية عند البُلَّهِ من المسلمين، وعدمُ توجيه الدولة الفارسية سلاحها الفتاك نحو الإرهاب الإجرامي المبيد لإخواننا الغزاويين خير فاضح يوافق الخذلان العربي.
حماس لم تطلب من أحد النيابة عنها، ولم تفوض فردا ولا جماعة ولا هيئة ولا حزبا ليلقي عليها الوصاية الفارسية.
المُطَّلِع ثقافيا وتاريخيا وميدانيا يدرك أن علاقات حماس بإيران حَتَّمَهَا طردٌ سنيٌّ خائنٌ، وهو مجرد إيواءٍ إلى ركن، في وعي مطلوب من جماهيرنا لتعلم الحقائق بدون مساحيق.
والعزوف عن القراءة والاطلاع والتحديث الفكري والتطوير الذهني تثبيتٌ لاتهامات أعداء المقاومة بِتَشَيُّعِهَا في تشويهٍ لها وإضعافٍ لموقعها الاجتماعي والسياسي والجهادي.
أخشى أن يَنْسِبَ غيابُ الوعي بعض الانتصارات على العدو إلى فارس قبل الله، ويُهَمِّشَ استبسال المقاومة وصبر الغزاويين.
أدعو أمتي إلى الكف عن التخفي وراء الوحدة الدينية المزعومة مع فارسي لا يؤمن بها إلا استخداما، ليصل على أكتافنا الغافلة إلى ابتلاع المزيد من بقاعنا، ليدفن بقايا حضارتنا ونحن نشاهد حطامها ونبكي على أطلالها ونندب حسن ظننا بعدوٍّ لا يختلف عن الخيانات العربية والمسلمة في أي شيء سوى الشعار المطلي على اللافتات، والرايات السود، ولنتفكر ولنتدبر قوله تعالى"ٱلَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ ٱللَّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَٰفِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ"141/النساء.
الأستاذ سعدالدين شراير

أستاذ مادة العلوم الإسلامبة في التعليم الثانوي، متخرج من جامعة الجزائر العاصمة بشهادة ليسانس في العلوم الإسلامية، خبرة 37 سنة تدريس

إرسال تعليق

أحدث أقدم