التنظيم المفترى عليه


لم أتشرف بالانضمام إلى تنظيم الإخوان المسلمين، لتفضيلي الحرية الشخصية في التعاطي مع الأحداث، دون قيد.
العارفون للتاريخ يدركون ظروف تأسيسه، وهدفه، لكن الإحراجات الكبيرة للأنظمة جعلته مرمى حجر، فأصبح قربانا لمن ابْتَزَّ، وابْتُزَّ، وتملق.
فتداعى عليه الظالمون كالأكلة على قصعتها، وهو يحمل هَمَّ الأمة، لتحريرها من الأغلال، لكن كثيرا من أطيافها رضي قيودَ الاستعمار القديم والجديد ووصايته.
فضُيِّقَ عليه، واستغلت كل فرص ضربه وتشتيت أواصره، لقطع الطريق أمام استكمال مسارات بنائه، كضمير لجزء لا يستهان به من الأمة.
وذللت الآلات الإعلامية الضخمة، وصُفِّفَت فصائلُ محاكية، في مقدمة المجندين، لتحطيمه، باستخدام السنة والبدعة والمحلية والتشيع، رغم ثبات أصله، وبساقة فرعه.
لُمِزَ بالعلاقة مع الشيعة، الذين تدبَّروا أبشع طرق تلطيخه لسنيته، والدليل اشتراكهم في انقلاب 2013م خفية.
وحُشِرَ له العوام بجهلهم، فاستخدموا في مقدمة المتظاهرين، ولُقِّنُوا عبارة (يسقط يسقط حكم المرشد) دون دراية شيء عنها.
وسُخِّرَت شمَّاعة استعمال الإسلام للوصول إلى السلطة، وكأنَّ التنظيمات الأخرى تأسست لحج بيت الله الحرام.
وحُرِّضَ الناس للتزهيد فيه، والترهيب منه، انخراطا وانضماما وتعاطفا، ولو بِعَثَرَاتٍ بشريةٍ عاديةٍ، كأخطاء بعض قياداته، وحتى زَلاَّتُ غير عناصره تنسب إليه بمجرد صدورها من عالم، أوقيادي، رغم حرمانه فرصة المرور من الدعوة إلى الدولة.
ولو حدث لتنظيم آخر ما حدث له، لاندثر من الوجود، لكنه بقي صامدا، شامخًا، قائما، كلما رفعت عنه القيود.
وبدأت فروع قُطْرِيَّةِ له تنفي العلاقة به ظاهرًا، اتقاءَ الاصطدام بالأنظمة، عوض التمسك بالصفة العضوية، وعلاج النظرة السيئة المبرمجة له عمدًا، بالأداء الصحيح المنسوب إلى الإسلام، ثم إليه.
زادت انتصارات فرعه في فلسطين، وبسالته في المقاومة أكثر من الفصائل الأخرى، إحراجًا لسلطة الضفة الغربية الخانعة، فاستنجدت على حربه بكل العلاقات.
ولم يسلم حتى من الحرب المسلحة، كحاله في اليمن بتآمر وتجييش الأنظمة الوظيفية، وهذا ما راقَ للأنظمة غير المتبنية للإسلام في دساتيرها، والمتبنية له ظاهرًا فقط.
وما تلك الاستقبالات لقياديي حركة حماس الفلسطينية في بعض الدول العربية، إلا حتمية مركزية القضية، وتملق الولاء، وإرادة الاحتواء، والدليل تلك التمعضات التي تقابل بها في كثير من الأقطار.
أما إيران فلا اعتداد بها، لأن احتواءها سمعة حماس والجهاد الفلسطينيتين مجرد ابتزاز مقابل صيت مناور تكسبه منهما فقط.
أرَّقَ هذا الوضع المؤمنين بالحل الإسلامي، كبديل فرضه واقع تدين الأمة أدبيا لا تطبيقيا، فأصبح مصطلح الإخوانية مناطَ منزلقات ومصائب الأمة، لإشغالها عن الحقيقة، كمبرر وهمي بعيدٍ، حتى أصبح الأميون، والرعاع، والرويبضة، ومن ليس له أدنى ثقافة، يلوك به لسانه وقلمه وأنامله، وآخرها نسبتهم إليه ظلما السقطة الكبيرة غير المغفورة من الريسوني، ومواقف الشيخ القرضاوي رغم عدم عضويته فيه.
صحيح أن أخطاءً يرتكبها بعضٌ منه كبشر، قد يكون بسبب اختراق قديم، لكن الأفضل هو توجيه الغيورين النصحَ إليه لعودة استقامته، عوض التشفي، إلا أن جُلَّ المناوئين يريدون بقاء الأمر هكذا أوالزيادة عليه ليسوء مصيره الشعبي.
والحقيقة أنه لو كان تنظيما مجهريا، وبهذا الواقع السيء من التصوير، لأدبر عنه الخلق، لكن نالته كل هذه القواصم عندما عانق ضمير الأمة، وناصره المصوتون في كل فرصة انتخابية حرة حقيقية.
إن الأنظمة مطالبة بوضع كل التنظيمات في معيار واحد، ومراعاة مصلحة الأمة، في الخروج من حالات التخلف، ومنح فرصة العمل لكل تنظيم يريد أداءً، في إطار الدستور والقانون واحترام الحريات والحقوق، لا في إطار مزاجي شخصي أوفئوي، ويبقى الحكم بعد كل عهدة لصوت الشعب.
الأستاذ سعدالدين شراير

أستاذ مادة العلوم الإسلامبة في التعليم الثانوي، متخرج من جامعة الجزائر العاصمة بشهادة ليسانس في العلوم الإسلامية، خبرة 37 سنة تدريس

إرسال تعليق

أحدث أقدم