الواجب تجاه الغزيين.


كثر الحديث هذه الأيام عن جرأة المجاهدين القساميين، من مؤيد، ومعارض، ومخذِّلٍ رافعٍ شعارات شرعية لتبرير ركونه إلى الدنيا، سيأتي ذكرها، مع أن الوقت المضيَّقَ لا يتسع لغير التأييد، وإن كان لنا كلام فليكن بعد نهاية الحرب بالنصر، أوبدفع أكبر الأضرار، من تدمير تام، أوتهجير قسري تنفيذا لمخططات صُمِّمَتْ، فأبطلها طوفان السابع أكتوبر.
إنهم كما يشهد الدكتور طارق السويدان من أطهر الناس تقوًى وتدينًا وصلاحًا، همهم أمتهم، يتمنون الشهادة في سبيل الله، نتيجة التوحيد الذي يرفعه المخذلون عن القيام بواجب التصدي.
بعض قياداتهم السياسية يستشهد من عائلاتهم العشرات، ولا يزالون ثابتين، ترصدهم الاغتيالات في كل وقت ومكان، بلا مال، ولا بيوت فاخرة، حياة جناحهم العسكري في الأنفاق، لا ماء، لا هواء، لا شمس، لا تساوي ولو بدرجة منحطة عيشَ أصحاب البذلات المنمقة، والأثواب البيضاء النقية، وكوفيات الرؤوس، ولحسات الشفاه، والسيارات الفخمة كقصور متحركة، يتطاولون عليهم مأجورين، بلا نقيرٍ لهم ولا قطميرٍ، كالمنافقين الذين قال الله فيهم (سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ)/الأحزاب/19، ينهال عليهم الغرب كله بِتُهَمٍ جاهزة تعلق على مشاجب أعراضهم، وبعض بني دينهم يُعَزِّرُونَ عليهم، بينما يدفعهم الصدق مع الله والإخلاص له والتضحية لعزة الإسلام والأرض المباركة.
أول كتيبة اقتحمت أسوار الكيان يوم السابع أكتوبر حفظة للقرآن.
أما تذرُّعَ القاعدين بإقامة الجناح السياسي في فنادق أجنبية، وإغفال وزراء وحكام كثر يتنعمونها فانحراف، فلابد لكل من ممثل سياسي مدني يفاوض بالنيابة، يُعفى من القتال تفريغا لشغله التفاوضي، يطاله تعب التنقلات الكثيرة للتمويه على العدو في الخارج، والفزع المعنوي الناتج، مثلما حدث للمبحوح في الإمارات.
هؤلاء يجب الافتخار بهم، وحفظ أعراضهم، ورفعهم فوق الرؤوس، لأنهم جَنَّبُونَا حرج العار، فلنقل خيرا أولنصمت، لأن كلمة ضد مجاهد قد تؤدي إلى نار جهنم، لم يطلبوا منا رأيًا، ولا مشورةً، ولا حضرنا إعدادهم عندما أقبلوا بإيمانهم وأسلحتهم، ولو قلت أوضعفت، بل بعدت عنا شقتهم، وكلامنا لا يقدم ولا يؤخر، ولسنا في ميادين الدبابات والمدافع وقنابل الطائرات المقتضيةِ ثباتًا، قد نصاب بالجنون لو حامت فوقنا.
العتاب على مجرمي الحرب والمجازر البشرية، لا على مجاهدين يديرون عملية الإنكار باليد، دون انتظار يد الحاكم الغارق في بحر العمالة، وإهمال القضية، بمخالفاته الشرعية في المأكل والملبس والعلاقات المشبوهة مع المحتل، كالمطبعين.
المجاهدون لا ينتظرون الدهر كله حتى يأتي من يقودهم إلى تحرير الأقصى الطاهر، مع توفر المستطاع من السلاح والكراع، والحاكم يتشحط في أحضان المحتل.
أما مسألة التوحيد، فمآلها:
1/من استباح الوحشية ولو بقلبه وأبغض صنيع الأبطال، وخذَّلَهم وبلَّغَ عنهم لا يملك مثقال حبة خردل من إيمان، ومصطف آليا مع الغرب.
2/هؤلاء على هرم التوحيد فعلاً لا قولاً واعتقادًا فقط، باعوا أنفسهم لله، تسليما للأجل، أفضل ممن يبغي البقاء في دورة التوحيد النظري، يخشى الموت لأبسط أذى.
وجهاد السنن الذي أثاره أحد المعاقين شرعيا وفكريا، فهؤلاء وافقوا السنن الكونية بالواقع، وحتمية استرداد الحق بالقوة المقرر في سورة الأنفال، لا بالهوان.
وعن الضحايا المدنيين جراء العملية فداخلون تحت قاعدة رجحان المنفعة المنضوية تحتها مفاسد مرجوحة، ومن يستغل بعض العقول الضعيفة بسجنها في دائرة مجازر العدو، حريٌّ به الالتفات نحو الإنجازات ضد جنوده، كتمها على شعبه، وهو من المبشرات التي كسرت شوكة جيش استغفل العالم كله.
ولو غَيَّرْنَا بألسنتنا، أوبأضعف الإيمان لكان خيرا من التخذيل.
لا حرج من تناول المسألة بالتحليل والنقاش، لكن دون قصم ظهورهم الطاهرة.
الأستاذ سعدالدين شراير

أستاذ مادة العلوم الإسلامبة في التعليم الثانوي، متخرج من جامعة الجزائر العاصمة بشهادة ليسانس في العلوم الإسلامية، خبرة 37 سنة تدريس

إرسال تعليق

أحدث أقدم