منطلقات ومرتكزات التدافع



الصراع قائم بين الحق والباطل، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، قد ينطلق كل طرف من العقيدة والتدين بها، بغض النظر عن حقيقتها، أومن العرق والقومية والعلمانية، المعادية للتدين.
شهدت التجارب قوة الشكيمة للمنطلق والمرتكز الديني، بسبب التحفيز المعنوي والنفسي، باعتبارها إيمانًا، يتحمل بهما الفرد والأسرة والجماعة المسؤولية الكامنة في الضمائر، فيقع الأداء صوابا على قدر كبير، ويستغل كل وسائل النجاح، بسبب الإقدام القوي، والإقبال الشجاع، رجاء ثواب ديني، يُعْظِمُهُ يقين بالغيب، يَحْدُثُ بالتحديد عند حاملي الرسالة الدينية والمضحين لأجلها.
أما الأداء اللاديني، فيرجو مكافآت عاجلة شهودية غير منزهة، يقدم خطوة، ويؤخر عشرا.
القرآن الكريم كمرجع مقدس للمسلمين، أوكتاب ديني أولغوي عند آخرين، يركز على دينية المنطلق والمرتكز والمآل والوسائل والأساليب، بوضوح، لتتزود القلوب والمعنويات والنفسيات الجامحة بالوقود الطاقوي الإيماني الضمائري، يصل البدء بالانتهاء.
ويعجُّ بمحفزات ابتغاء الدين، كقوله تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)5/البينة، ومرضاة الله، (وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ)265/البقرة، واللجوء إليه، (وَإِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فِي البَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ)67/الإسراء.
فتتحقق معاني الإخلاص والصدق والتضحية، والتوكل بالمتاحات الحاضرة ولو قلَّت أوضعفت، قويةً صحيحةً إلى حدٍّ بعيد عند الدينيين أكثر من غيرهم، للنعيم الغيبي المتحقق، استهانة بالثمن المبذول.
وهو الأصل في أمتنا، التي ظاهرت هذه المنطلقات والمرتكزات القاعدية المتينة، بضغط إقناعي من مثقفين لا دينيين، فأصبحت الأنظمة بالخصوص تخفيها أمام الذين كان لهم البلاء السيء في أنفسنا التي تقبلت نفثهم.
إلا ثلة بقيت صامدة أمام الرياح الفكرية والثقافية والعلمانية الغربية الهوجاء، خاصة في بدايات الغزو الأوربي، ثبت من ينتقي الواردات بمصفاة الوعي الديني والإيماني.
يتجلى في جهاد الاستعمار الغربي، ولو قلَّ الممنوح من العتاد، عملا بقوله تعالى(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ)الأنفال/60.(كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَهِ)البقرة/249، خاصة في الدفاع عن الأرض والعرض والمال.
العارفون والواعون يتعجبون من انتحال الصفة اللادينية لمسلمي اليوم في صراعاتهم مع المنطلقين من الصليبية الدينية والوعود النبوية، يلجؤوننا نحو الخجل من تَصَدُّرِ التدين في تنافسنا الحضاري معهم، خشية التهم، ليقينهم من تأثير الدافع الديني على الدنيوي عند الاحتدام.
والمشاهد ماثلة اليوم على الأرض، فرئيس وزراء الاحتلال يقول (نريد تحقيق نبوءة أشعياء)، في وقت تتهم المقاومة الباسلةُ الدينيةُ المنطلقِ بالتخريب، ومقابله تتجلى قوة تأثير المنطلق والمرتكز الديني عند شباب يملكون مستطاعا من القوة، يلقنونه دروسا في الإقدام بيقين غيبي ديني في نفوسهم، عاملين على الأقل بقوله تعالى(ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله)البقرة/207.
ولأن المنطلقين الدينيين غير متكافئين، رَجَّحَ الميزانُ انتصارَ قلةِ نفرٍ على آليات جيش قيل إنه لا يقهر.
إذلال العدو لبني جلدتنا كشف الفرق بين المنطلق الديني له، واللاديني للمحسوبين على الإسلام.
المنطلقات والمرتكزات الأخرى الأرضية العاجلة أثرت في الابتغاء، فمن ابتغى العاجل المشاهد يستحيل عليه مثل إقدام أولئك الأطفال المميزين الذين يفرحون بالشهادة بين الحطام، ويرفضون الرحيل، بقولهم(لن نطلع من أرضنا حتى تطلع أرواحنا).
معظم الأنظمة تخشى زوال المتع والامتيازات العاجلة، فتتمسك باللاديني في مواقفها، رغم دويِّ الوعود الدينية للكيان في المقابل.
قد تحدث إنجازات يحققها اللادينيون، لكنهم يجندون الأتباع بالمعاني الدينية ليقينهم من فاعليتها.
إن الإنسان مفطور على النزوع الديني، (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ)53/النحل.
لذلك أدعو إلى التمسك بالقوة العظمى الغيبية الغريزية في الجِبِلَّةِ، تجنبا لعطب الأداء ونتائجه بالانحراف عن الفطرة.
الأستاذ سعدالدين شراير

أستاذ مادة العلوم الإسلامبة في التعليم الثانوي، متخرج من جامعة الجزائر العاصمة بشهادة ليسانس في العلوم الإسلامية، خبرة 37 سنة تدريس

إرسال تعليق

أحدث أقدم