وقفات في الاتفاق الفلسطيني.

منذ أن بدأت أعقل تطورات احتلال أرضنا الفلسطينية، والدولاب يجرُّ الفصائل حول طريقة التعامل مع العدو، إذا أحسنَّا الظن فيها، والوساطات متكررة لصياغة توافقات تنقذ الوضع، وتنهي النزاعات، ومنها المبادرة الجزائرية الجديدة.
إن الاتفاق الفلسطيني نتيجة مثمرة لمحادثات يناير إلى سبتمبر 2022 مع
الفصائل السياسية للشعب الفلسطيني الأربعة عشر، وشخصيات وطنية
مستقلة، تحت إشراف بلد الشهداء ينتمي إلى هذا السياق التاريخي.
ومع الإقرار أنه قد ولَّى عهد الكلّ لي، وأتولى الكلّ، وأنال الكلّ، وغيري لا محل له من الواقع، والواقع أصنعه وحدي دون غيري.
أوكما قال أحد إخواننا، هذه سياسة ودبلوماسية وليست حصة ما يطلبه المتشائمون.
لكن غيرتنا على بلادنا فلسطين، وإخواننا فيها، والتجارب المظلمة تسائلنا عن مدى كل تقارب مماثل.
وإذا كان من حق الأمل أن يلوح بأحلام خفاقة شاهقة، فللتجربة حق استحضار التاريخ للحكم بالأمارة على الحاضر.
لا نعرف التفاصيل الجزئية لنص الاتفاق المرصع بالعموميات حسب ظاهره، مع اقتراحات عادية جدا كتنظيم انتخابات تشريعية فلسطينية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، في تسعة بنود، قبلها ديباجة سياسية عادية، وتشكرات في الأخير موجهة إلى كل المساهمين في إنجاح اللقاء، مما يصرف ذهن المحلل إلى التساؤلات الآتية:
1/ هل هي صحوة الضمير الوطني من الغفلة والمتاجرة بالقضية؟
2/ ماذا جرى في الجلسات المغلقة، وما اتفاقاتها الحقيقية؟
3/ وهل تعويمها بالكثرة حَرَّجَ من إبرامها؟
4/ هل سيكون للاحتلال نصيب من تسريباتها؟
5/ هل المؤثر الأوفر من الاتفاقيات والقرارات كانت للفصيلين الكبيرين حماس وفتح؟
6/ هل يلقي الاتفاق بظلاله على القمة العربية؟
7/ ما هي مقاصد الفصائل والوسطاء؟
8/ هل مقصد حماس هو فك الحصار، وتحييد الآخرين عن مواقفها وبالخصوص عدم الاعتراف بالاحتلال؟
9/ أم هو الإقناع بميدنة المقاومة عوض الخيال النظري؟
10/ أم أن ضغط الشارع الغزاوي المتألم كان له تأثير مشروع؟
11/ تعودنا من جُلِّ الأحزاب والتنظيمات في العالم على انفراد قياداتها بالمبادرات والقرارات دون قواعدها، فما هو منطلق وحجم التشاور القاعدي الحمساوي؟
12/ وما هي مواقفه من المبادرة، وطبيعة تأثيره عليها؟
13/ وما هو مصير الاتفاق لو لم تصادق عليه مؤسساتها الرسمية الواسعة؟
14/ هل مقصد الآخرين احتضان حماس لأجل التطبيع أوالاعتراف بالاحتلال لتخفيف فعلها المقاوماتي المسلح، وتوريطها، بالتوقيع على عموميات غير ملزمة عن المقاومة دون تفعيل واقعي، وتدجينها بالمهادنة والمداهنة السياسية والعلاقات الديبلوماسية التي لم ينج من دهاليزها أحد؟
15/ من يستثمر في هذا الاتفاق الشعب الفلسطيني أم التنظيمات؟
16/ وهل ستطوى الخلافات الجوهرية مراعاة لمصداقيته، أم تبقى جمرا تحت الردم؟
17/ ما هي تأثيرات كلِّ نظام وظيفي على الفصيل التابع له؟
18/ ألا تدل التشكرات حول جهود توحيد الفصائل في مكالمة
الرئيسين الجزائري والفلسطيني يوم 23 أكتوبر 2022م على:
الرئيسين الجزائري والفلسطيني يوم 23 أكتوبر 2022م على:
تأثير الفوارق التكوينية الفكرية النفسية العلائقية العميقة المترسبة لسنوات، يعسر ترويضها بجلسات دون انصهار عقدي وإيديولوجي وبيداغوجي؟
19/ وتمنياتهما بتجسيد الاتفاق على أرض الواقع على:
أنه لا يزال مجرد حبر على ورق، لم يبرح مرحلة الأحلام في أحسن الأحوال؟لأن تنفيذه يستدعي آليات متفق عليها تقليديا، وهذا مفقود، إلا إذا حصل تنازل في الجلسات المغلقة عن خصوصيات متقادمة بين الأطراف.
20/ هل سيفكك الاتفاق التقابض الحزبي التنظيمي، ليرفع وصاية الفصائل على مصير الشعب الفلسطيني الحرّ، ويطلق العنان لاستقلاله؟
ذلك مُسْتَكْشَفُ أقدار الغيبِ، ومُدْرَكُ الاستشراف، وسط ركام يجمع الرجاء والنكد، لأن فلسطين آية سننية ربانية لا تقبل أنصاف الحلول، كي لا نفاجأ بغير أملنا في وحدة وطنية فلسطينية تنهي الانقسام، وتكرس التلاحم الإسلامي لإبادة الاحتلال بحول الله.

الأستاذ سعدالدين شراير

أستاذ مادة العلوم الإسلامبة في التعليم الثانوي، متخرج من جامعة الجزائر العاصمة بشهادة ليسانس في العلوم الإسلامية، خبرة 37 سنة تدريس

إرسال تعليق

أحدث أقدم