العنصرية بين الفعل ورد الفعل.

عرَّف الإسلام بقيمة الإنسان، مهما كان اللون، أوالجنس، أواللسان، قال تعالى (ومِن آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ والأرْضِ واخْتِلافُ ألْسِنَتِكم وألْوانِكم إنَّ في ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْعالَمِينَ) 22 سورة الروم.

وأوجب التعايش مع الإنسانية، قال تعالى (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) 08 سورة الممتحنة.

تحت راية عقيدته الجامعة، قال تعالى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) 103 سورة آل عمران.

وأسلم أصناف البشر، وألوانهم، وذابت الفوارق، وصدَقَ فيهم قوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)28 سورة سبأ.

وفي الجزائر تلاحمت قوافل الثوار، بالثراء الوطني، دون تمييز.

ثم بُذر التآمر على قداسة الوحدة، وتوسلت وحوش بشرية إليه بتكدير صفائها.

وإذ انحسر المجرمون، فإن التعميم، والرد السيء من المناطق الأخرى أجرم.

وإذ ننهى البعض عن حقدهم، فنحذر العروبيين القوميين منه كذلك.

احتضن الإسلام سلمان الفارسي، وصهيب الرومي، وبلالا الحبشي، وأوصى بالأقباط خيرا.

كانت دعوته صلى الله عليه وسلم العربَ والعجمَ دليلا على بشرى العالم كله، دون تخصيص العرب بالرسالة، أوالتعالي على غيرهم، كما يفعل بعض المفاخرين بالعروبة.

حاربه الروم، فلم تأخذه الحمية العربية لكره الأعاجم.

عاهد كثيرا من العشائر، وأحسن إليهم، ونهى عن نقض عهودهم.

حمى أهل الذمة بين المسلمين، وفيهم العرب والعجم.

إننا في:

زمن احتواء كل جزائري، تحت مظلة الوطن، وعلينا واجب استعادة من لوثته براثن التنصير.

وزمن حراسة الجزائري من شراك الغرب والشرق.

وزمن إنجاء إخواننا من الشيطان.

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَكْرَانَ، فَأَمَرَ بِضَرْبِهِ. فَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِيَدِهِ وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِنَعْلِهِ وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ رَجُلٌ: مَا لَهُ أَخْزَاهُ اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لاَ تَكُونُوا عَوْنَ الشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُم) رواه البخاري.

وزمن حمايتهم من مجهول أشد، من العنصرية، والجهوية، والعرقية.

وزمن التخلي عن قومية عربية شقَّت الصف الإسلامي، وأُسِّسَتْ بها جامعة، نشرت قذارة الجاهلية.

وزمن رفع الحرج عن إخواننا البريئين مما يحدث.

إن صعوبة مجابهتهم العنصريين، لا يبيح الصد عنهم، لأن الترسب متحجر، والسلطة مسؤولة على الإهمال القديم قبل استفحال الداء.

إن الولاء والبراء على الأساس القومي العربي من قلة تقدير رحمة الله بالرسالة إلى كل الناس.

وأسجل في هذا المقام أسفي على أحد العروبيين قاطع صلتي لرفضي الخطاب العنصري العربي!ّّ!!

وأسجل شعوري بنور الإيمان يخرج من وجه متدين غير أبيض أوغير عربي، حين ألتقيه.

وأذكر معارضتي يوما لأستاذي في التاريخ شيخي عاشور تشلابي عند ذكره للقومية العربية أثناء الدرس، من شدة بغضي لها.

بعد ذلك أسدي شكري وعرفاني للشباب الذين نبهونا إلى خطرها، ونحن تلاميذ في ثانوية فخار عبدالكريم بالمدية، أثناء التقائنا في مصلاها.

لا نريد الخروج من عنصرية غير العربي، إلى عنصرية العربي.

نريد لغة القرآن، لكن نريد قومية الإسلام.

فبعد الموت لا نسأل عن الألسن والقوميات.

فلنكن مثل العرب والأقباط المصريين، الذين صد تعايشهم مؤامرات التقسيم.

ولنحذر من الحسابات والصفحات المتراشقة باسم عربي، وباسم قبايلي، وآخر باسم نوفمبري، لإيقاد لظى الفتنة.

لا للعنصرية باسم القبايل، ولا للعنصرية باسم العرب.

هذا نداؤنا للجزائريين، إلا من لم يستحِ.

الأستاذ سعدالدين شراير

أستاذ مادة العلوم الإسلامبة في التعليم الثانوي، متخرج من جامعة الجزائر العاصمة بشهادة ليسانس في العلوم الإسلامية، خبرة 37 سنة تدريس

إرسال تعليق

أحدث أقدم