وحشية الجاهلية وإنسانية الإسلام

لقد هذَّب الإسلام البشرية في كل شأنٍ من الحياة، ونقل الناس من وحشية الفوضى إلى نظام القانون الشرعي. ففرض القصاص، وألغى الثأر وحرمه، وآثر الحاكم بالانتقام من الجناة لصالح المظلومين.
فانتهت تلك الحروب الطويلة المنهكة المهلكة بسبب قتل أوسرقة، أوغصب، أوقذف، أوغيرها، وحفظ الإسلام أرواح الناس وأعراضهم، لتكفلِهِ بحق المظلوم عن طريق تفويض الحاكم إرواءً لغليل المجني عليه، أوأوليائه، والناس شهود. فانتقلت البشرية بنظام الإسلام من الجاهلية والعنصرية إلى الإنسانية والوحدة والاعتصام بحبل الله المتين.
واستفادت الأمة بهذا من جمع أدلة الجرائم، واستخراج هوية المشاركين والمحرضين وكل ملابساتها، بالتحقيق القضائي مع الجاني.
كانت القبيلة قبل الإسلام تقاتل غيرها، فيهلك النسل والشجر والضرع، وتختفي كثير من الحقائق، ويستعجل الحاثون على الجنايات قتل الجاني لئلا يفضحهم أثناء التحقيق.
وهو ما حدث للرئيس الليبي السابق معمر القذافي الذي عُجِّلَ بقتله في مظهر همجيٍّ ذهبت معه أسرار داخلية ودولية، كانت ستنكشف بمحاكمة عادلة ولو أدت إلى إعدامه، لكن مع غيره من المتورطين، وليس وحده، لكن لقي مصرعه واستراح مشاركوه.
وعندما ندعو الناس إلى التزام التشريع الإسلامي وأخلاقه في السلوكات الخاصة والعامة، نلقى وابلا من التهكم، والتهم بالرجعية والتخلف، مع أنَّ الإسلام لم تنتهِ صلاحيته كباقي النظم البشرية، أوالأدوية المعالجة.
إن بلادنا بحاجة ماسة جدا إلى هدوء، وتفويض السلطة بالانتقام للشعب، ومحاكمة المتهمين بما ينكشف معها المحرضون داخليا وخارجيا.
صحيح، إن المجرم، وحارق البلاد، والغابات يستحق الإعدام، لكن بعد أداء قضائيٍّ يصل إلى من معه.
أما انتزاعه وسحله إلى درجة الموت، وحرمان الشعب من التعرف على حقائق من ورائه، فليس من الإسلام، ولا من الحضارة، ولا من الإنسانية في شيء أبدا. إن هتافات عنصرية، وشعارات جاهلية ضد الغير تعتبر منذرَ خراب، وانقسام يأتي على البلاد كلها.
وماذا لو حدث العكس، وهو مرفوض كذلك؟
إن حرائق اليوم وألسنة النيران، عمَّتْ الوطن كله، ولم تستثنِ منطقة، فلا تقابلُ بتخصيص، معاملةً لمولعيها بنقيض قصدهم.
إن لهيبها أحرق، وأصاب من أبناء الجزائر كلها، ولم يصنفهم حسب أعراقهم.
وأملنا أن تقاوم السلطة الآثار كلها، دون استثناء.
ولا ينبغي التبرير بانفلات الأمر بين أيدي عوام، أومتهورين، أوغوغاء، أورويبضة، لأنه كان على العقلاء والحكماء من القوم التحكم في الوضع، لنجنب بلادنا مزيدا من الفتن الظاهرة والباطنة، وننجو من مخلفات العصابة، وآثارها السيئة الوخيمة، فلسنا بحاجة إلى احتقان إضافي، إنما إلى الإسلام لنرص الصفوف، ونلتفَّ حول عقيدته الجامعة، وهي المعيار الوحيد للتصنيف.
والله لقد منحنا الله تعالى محنة للتلاحم الوطني، فيحرم تحريما شنيعا التفريط فيها، فنعض على أيدينا كما يفعل الظالم يوم القيامة.
والله لو لم نعد إلى التزام تشريع ديننا، فلن نسلم من الانتقال إلى الأسوأ، ولن نعدم بكاءَ الندمِ كالصغار على جوهرة لم نصنها كالصغار.
هذه صرختي إليكم أيها الجزائريون الأباة، الغيورون على وحدتكم.
فاتقوا الله في بلادكم، وانتبهوا إلى الخطر المحدق رحمكم الله!!!

الأستاذ سعدالدين شراير

أستاذ مادة العلوم الإسلامبة في التعليم الثانوي، متخرج من جامعة الجزائر العاصمة بشهادة ليسانس في العلوم الإسلامية، خبرة 37 سنة تدريس

إرسال تعليق

أحدث أقدم