ضحايا حصة

المعروف في القواعد الأصولية والفقهية الشرعية، أن أحكام الضرورات تندرج في إطار، دفع المفاسد أولى من جلب المنافع، ودرء المفسدة الكبرى بارتكاب المفسدة الصغرى، وأن لا تكليف إلا بمقدور، والظرف والزمان والمكان معالم قوية، أمارات معتبرة في التحولات الاجتهادية.

والمعروف في أبجديات النضال، أن حساب العواقب، وموازنة المنافع والمفاسد، المترتبة على الحركة المطلبية، لهما اعتبار قوي.
أذكر بهذا، إخواننا المتعلقين بمادة العلوم الإسلامية، رجال التنسيقية الوطنية الذين أشهد لهم على نضالهم المستميت لصالح المادة والرفع من شأنها، وإجلال قدرها، وضد كل جهة تقف ندا لإدراجها في تعليم أبنائنا، والسادة مفتشيها، والسادة المشرفين على إدراة الثانويات من مديرين ونظار.
لا أحد يخفى عليه الوضع الوبائي الاستثنائي، على ديمومة التدريس، ألجأ وزارة التربية إلى حلول تربوية لاستئنافه، بتقليص حجم الحصة التعليمية إلى خمس وأربعين دقيقة، وتعدادها حسب كل مادة، وتخفيف محتويات المناهج، وتضييق الموسم الدراسي إلى فصلين فقط.
ومع ذلك فإخواننا قيادات التنسيقية الوطنية لمادة العلوم الإسلامية، في لقائهم مع السيد وزير التربية الوطنية، وهم يطالبون برد الاعتبار للمادة، وإنصافها، ومنحها قيمتها الحقيقية، ومضاعفة ساعات تدريسها، ربما وقعت منهم زلة خطأ، بقبول إعادة الحصة المحذوفة من السنة الأولى أدبي، والسنة الثانية، عوض توضيح الأمر للسيد الوزير ومصالحه، بأن المطالبة يقصد بها غير أوضاع التكيف مع انتشار الوباء والتعايش معه، ما جعل التعليمة الوزارية المؤرخة في 04 نوفمبر 2020 تحت رقم 1229/وت و/أع. موقعة بقلم الأمين العام السيد بوبكر صديق، تنزل بتسرع كبير آمرة بإعادة الحصة.
وهو ما أربك كل من له علاقة بالعملية التعليمية، وعلى رأسهم السادة النظار الذين كان أغلبهم أنجز جدول التوقيت مرتين بسبب التعليمات النازلة في بيان آليات التفويج، والسادة أساتذة المادة، الذين سيضاعف لهم حجم الحصص، والإرهاق، ومعهم السادة أساتذة المواد الأخرى المتأثرون حتما بأي تغيير.
وإنني لا أشك في نية إفشال مادة العلوم الإسلامية بهذا السلوك التكتيكي، لإقامة الحجة على المجتمع عموما، والأساتذة خصوصا، بعدما بطالبون بعودة التخفيف، بحجة الإرهاق الكبير في مضاعفة الحصص التي تساوي ساعات أكبر، والمشقة الملحقة بهم، لأن الجدول سيصبح مكتضا، يشتغل به الأستاذ من الصباح إلى المساء، في أغلب أيام الأسبوع، مع استحالة توظيف المستخلفين، ولا المتعاقدين، لأن العملية معقدة إداريا أثناء هذا الوضع الاستثنائي، ولأنه يتطلب وجود فائض قدره عشر ساعات، للترخيص في توظيف أستاذ جديد.
فأين السادة المفتشون من هذا كله؟
أليست لهم الكلمة الطولى في التقدير، والاستشارة؟
أم لا يضرهم من تعب إذا استراحوا؟
وأين السادة قيادة وأعضاء التنسيقية لتصحيح الأمور؟
أين السادة المديرون والنظار من كل ما يجري؟
هل يروق لهم إعادة تصميم الجداول والتعب من جديد؟
هل يعجبهم التعب والنصب الذي سيصيب الأساتذة بكثرة الحصص وضغطها؟
مع أنني أشكر كل مدير، ومديرة، وناظر، وناظرة تفهموا الأمر، وتعاونوا مع أساتذة المادة في مؤسستهم، على المخارج القانونية التربوية الممكنة، لكنهم ثلة قليلة جدا، وصفوة مختارة من البشر.
كما لا أقبل المزايدة على الأساتذة المتضررين، بحجة التضحية، وخدمة المادة.
مع أن الذي يطلب منه ذلك هو أولياء التلاميذ إن أرادوا لأولادهم تعلم دينهم وشرعه وتاريخه.
أنصح كل من له علاقة بالموضوع قريبا أم بعيدا بالتعاون على إيجاد حلول عاجلة، إما بالمدد التوظيفي، وهو الحل الأرجح، أوالعودة إلى الوراء، ولا عيب في التوبة، إلى أن ينقشع ضباب الوباء، خاصة بوجود عبارة في التعليمة هي مخرج قانوني، وإلا فأعتبرهم متلذذين بإرهاق الأستاذ، الذي لن يحقق شيئا من العطاء المستمر، خاصة في حصص المساء أين يكون قد استنفد جميع قواه البدنية والفكرية والمعنوية.
الأستاذ سعدالدين شراير

أستاذ مادة العلوم الإسلامبة في التعليم الثانوي، متخرج من جامعة الجزائر العاصمة بشهادة ليسانس في العلوم الإسلامية، خبرة 37 سنة تدريس

إرسال تعليق

أحدث أقدم