درس الحريق

 لا أدعي امتلاك معطيات أسباب ودواعي وأهداف حرائق يوم الجمعة 06 نوفمبر 2020.
أوالعلم بالمحرض الرئيسي، إن كان داخليا، أوخارجيا، أوكلاهما.
أوطبيعة المنفذين، بالأصالة، أم بالوكالة المأجورة.
أوكنه الرسالة الموجهة من المعتدين على الأرض والعرض، ومن أين؟، وإلى أين؟ ولمن؟.
أوعناصر التدافع المتضاربة، للتضاغط، وِلَيِّ الأذرع، برهن البلاد.
أوعلاقتها بمن وراء القضبان؟، من عدمها.
لأن المشهد بكل بساطة تشوبه الضبابية الغاشمة.الإجماع الوطني البديهي حاكم بيقين على أنه عمل تخريبي منظم، مهيكل بإحكام، وليس عملا منعزلا، أوسببه النار كما جاء في تصريح أحد المستفزين.
والدليل الميدانيُّ أكبر برهان، فصافرة اندلاعها كانت واحدة، وسرعة انتشارها، وحجمها، ومساحة تأثيرها، وضحاياها، أمارة على التخطيط المسبق،ما يدل على أنه تم، بما لا يقدر عليه أفراد عاديون.
حال مقالهم: نحكمكم، أونحرقكم.
لكن للواقع المرير نقاط توقف واستخلاص:
1/ يكفي استغباء للعقول بالتصريحات المنجشة ادعاءَ تخفيف وطأة الحزن وكثرة التساؤل على المواطنين، وتهوين شأن الأحداث، فقد يتهيأ للمصرح أنه يطمئن، من حيث يشطط الغضب.
2/ كفى تسترا على الحقائق بين جنبات الصراع، فنحن أمام التكليف بتسيير شؤون شعب، وخدمته، لا لتسكين عللٍ أعراضُها عارية.
3/ كفى اهتماما باعتبارات على حساب غالبية الشعب، تؤول إلى التبرير، والمداهنة، والمهادنة، لمن ليس لهم خلق رد الجميل، بل بعكسه تماما، لؤم، وتمدد فوق كرامة الأرض.
4/ كفى تهميشا للوطنيين المخلصين الصادقين الناصحين.
5/ كفى تعمية على السوسة المدسوسة، وهي تنخر الأمن القومي.
6/ حان وقت الالتفات بلطف، واعتراف، واستفادة، واحتضان، إلى الذين إذا عارضوا، أوانتقدوا، أوغضبوا لم يتجاوزوا إلى التخريب، والحرق، والتدمير، والقتل، والنهب، والسلب، ولا إلى التوكل عن متآمر محلي أوأجنبي، ولا إلى عمالة، لأن أيديهم بيضاء ممدودة للوطن فقط.
7/ حان وقت مراجعة الحسابات، إزاء خطر دوائر السوء في الرمال، ومن وراء البحار، وبذل الجهد المضني، والتدبر المليٍّ، لتشريك عنصر الثقة بين السلطة والشعب الذي وَكَّلها على تسيير شؤون البلاد.
ولن يتم لها إلا بـ:
++ العدل في كل مستوياته.
++ احترام السيادة الانتخابية الشعبية، فغموض مختلف عمليات ونتائج الانتخابات، ضربات موجعة قاصمة، للتنويم والاستغفال والابعاد عن المشاركة الحقيقية في حكم البلاد.
++ تفعيل الخدمات الواجبة حقا للمواطن والإسراع فيها.
++تفكيك الألغام اليومية الشاقة:
كمسألة صرف الأموال في البريد، والبنوك، وتوزيع المياه، والحليب، والكهرباء، ونقص الأمن من الحرائق، والسرقات، والاختطاف، والقتل بالسلاح الحاد والناري، وطاولات التجارة لدى الشباب، والاحتياط الأمني لسد ذرائع العودة إليها وغيرها.
++ تغيير وتطوير مصادر الغذاء والدواء ووسائله، من الاستيراد إلى الإنتاج المحلي:
كالفلاحة والصناعة، لضمان التحرر عن المتربصين، الرابضين عندنا غدوا ورواحا، وكأننا تحت وصاية ولي المحجور.
++ ضمان الخدمات الصحية عالية المستوى، وإحلال القدوة، بعلاج المسؤول الجزائري في بلاده تحقيقا لمساواته مع الفرد المحكوم، وتنصيب مجلس أعلى للصحة، لتصميم برنامج حكومي مستقبلي، للاستثمار في إمكانيات البلاد، وتسطير مشاريع ميدانية.
++ التكوين الفردي النفسي المعنوي للموظفين والخدم على تعظيم قيمة الإنسان، في كل المجالات، فالمعاملات القاسية في مختلف الإدارات والمستشفيات والمحلات دليل على انعدام الحس الإنساني الذي لم تأبه له السلطة.
++ التوزيع العادل المتساوي للفرص التجارية والاقتصادية بين مختلف المتعاملين الوطنيين، لئلا يستحوذ عليها فرد، حذرا من انفجار شعبي قد ينسف الأخضر واليابس، ويجد من يدفعه نحو الإبادة، وما ليبيا عنا ببعيد.
++ التوقف عن مداهنة ومهادنة جماعات الضغط التي تستعمل مختلف الوسائل لتثبيت أقدامها، والاستحواذ على المناصب الحساسة في البلاد، والسيطرة بها على مقدراتها، وعدم التلكؤ في العناية بهيبة ووقار البلاد، صونا لكرامة الشعب من خطرهم.
وهو من مرابط الأفراس في هذا الشأن، فقد أدنت السلطة هؤلاء بحجة كسبهم وضمان انخراطهم في الصدق الوطني، واستبعدت كثيرا من المخلصين، إلا أن هذا الأمر زادهم تعنتا، وكبرياء، واحتلالا للبلاد، واستقواء، بوسائل الدولة وغيرها، لمضاعفة تمددهم، واستيلائهم على مختلف عصبها الرئيسية، لشل حركتها وقت الحاجة.
والدليل هو عدد إحالاتهم على القضاء منذ افتضاح أمرهم إلى اليوم.
وقديما قيل اتق شر من أحسنت إليه.
بغير هذا ستتهشم معنويات أفراد الشعب، ويصبح الحليم منهم حيران، ونجدهم مُعْرِضِينَ عن كل اهتمام وطني، حتى إذا دعتهم النجدة لم يجيبوا.
إن حرائق يوم الجمعة لدليل على مضارَّتهم، ووجودهم في موقع تفاوضي إجرامي قوي، لتمرير رسالة موازية، فيعطل بهم كل أمل في تغيير حسن.
نصيحتي الأخوية الصادقة المخلصة الوطنية هي تقليب النظر في جميع السلوكات، والوفاء بعهد وكلمة الرجال، القاضين نحبهم والمنتظرين، وعدم النكوص على الأعقاب، إنجاء للبلاد والعباد من فضاعتهم، وإلا امتد إلى الخطر الخارجي المباشر إن تمت الاستهانة بهم.
وإن غدا لناظره لقريب، ولا ينبؤك مثل خبير.

الأستاذ سعدالدين شراير

أستاذ مادة العلوم الإسلامبة في التعليم الثانوي، متخرج من جامعة الجزائر العاصمة بشهادة ليسانس في العلوم الإسلامية، خبرة 37 سنة تدريس

إرسال تعليق

أحدث أقدم