ملخص قراءات الدستور

تصفحت وتفحصت مشروع التعديل الدستوري المقترح، أربع مرات كانت نتيجة أولاها بعث رسالة إلى بريد الرئاسة في إحدى عشرة صفحة، يوم 17 ماي 2020م، وثانيتها ملاحظات عليه في مقال واحد للمواد الرئيسية، يوم 08 سبتمبر 2020م، وثالثتها تقسيم تحليله إلى أجزاء، لأسوأ المواد والبنود في مجالات كثيرة، ابتداء من يوم 23 سبتمبر 2020م، ورابعتها إلقاء نظرة شاملة لتحرير هذا المقال.لكن من باب الإنصاف والعدل مع كل مؤلف يمكن التطرق إلى أربعة أشياء:
القواعد القانونية + الديباجة + المواد العادية + المواد الجديدة.
1/ الديباجة: 
للأسف لم تكن في مستوى مقدمات التأليف، إذ ظهرت اللغة ركيكة جدا، دون قواعد صحيحة في الغالب، ولا أسلوب أدبي راقٍ، ولا تركيب بلاغي سليم، وهذا مرده إلى الترجمة من اللغة الفرنسية رغم التنصيص على رسمية اللغة العربية، مع عزوف عن استشارة النابغين في اللغة، جعله بعيدا عن مستوى الوثيقة الأساسية لدولة كاملة.
لقد ابتعدت عن رونق المقدمات، التي في العادة تختصر المحتوى، فيتصوره مطالعها قبل ولوج الكتاب، فأشبهت مقدمة المقال القصير.
كما أجحفت في حق التاريخ الكلي للجزائر.
2/ القواعد القانونية:
الدستور هو القاعدة الأساسية للأمة والدولة، ولذلك يؤسس في نظري على شكل قواعد عامة كلية تجمع كل ما يصلح لها من الفروع القانونية، وبذا يمكن لجوء البرلمان إلى القياس عليها في حالة تجدد حدث، دون الالتجاء إلى تعديل الدستور، فنسد عنه ذريعة النزوات الشخصية، بما أن قياس الحالات الجديدة على القواعد متاح، كي نكسبه هيبته الدائمة،، فإن النصوص ثابتة، والأحداث متجددة، وهو ما لم يقدم على هذا النمط، لأنه جاء بأحكام فرعية، وآليات تفصيلية، ومواد قانونية، ولو سمع لرأيي لأمكن إخراج نسخة معصومة من كثرة التعديلات كل عهدة رئاسية، وكلما عَنَّ حدثٌ جديد، جعلت من دساتير البلاد مسودات، لكن لم تتوفر الإرادات السليمة لإنهاء هذا المشكل، عكس دساتير الدول التي تبسط أجنحة الهيمنة على نفسها وغيرها، فلا تعدل إلا نادرا.
ولذلك ظهر عليه التفريع أكثر من التأصيل، والتفصيل أكثر من التقعيد.
3/ المواد العادية:
التعديل تضمن المواد العادية التي لا يختلف فيها اثنان، كالمبادىء العامة التي تحكم المجتمع الجزائري، عدا مسألة عناصر الهوية،، والحقوق الأساسية والحريات العامة،، وغيرها.
4/ المواد الجديدة:
أضافها التعديل بمنافعها ومفاسدها، مثل، المادة 40، الخاصة بالمرأة، وبعض البنود في الحقوق والحريات، والمادة 63 الخاصة بماء الشرب، والمادة 77 الخاصة بتقديم الملتمسات إلى الإدارة، والمادة 91 البند الخاص بإرسال وحدات من الجيش إلى خارج الوطن في إطار عمليات حفظ السلام، والمادة 103 الخاصة بتعيين وزير أول، أورئيس حكومة حسب الحالة الانتخابية، والمادة 172 البند الخاص بعدم نقل القاضي إلا بشروط، والمادة 180 المفصلة لتشكيلة المجلس الأعلى للقضاء، والمادة 200 الخاصة بالسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، والمادة 213 الخاصة بالمرصد الوطني للمجتمع المدني، والمادة 218 الخاصة بالأكاديمية الجزائرية للعلوم والتكنولوجيا.
وإذا كان لكل رأيه بحرية في محتوى المقترح، فقد يتفق الكثير على خطورة بعض المواد التي تعتبر قنابل موقوتة رغم قلتها، تعصف بالدولة، وتفجر كيانها،،، أشدها، إرسال وحدات من الجيش خارج البلاد، وازدواجية اللغة الرسمية، وحرية العبادة، وتخصيص بعض البلديات بأحكام خاصة، قد تفصل عنا بعض المناطق وتهدد وحدة التراب الوطني بالتدريج، وعلى رأسها الجنوب،، وآنئذٍ لا تشفع لنا كثرة المواد المقبولة والإيجابية.
وفي موعد الفاتح من نوفمبر سيكون على عاتق الشعب تبعة تقرير مصيره، باستكمال التحرير، والوقوف حازما أمام التحديات المحلية والإقليمية، ووضع السلطة في الموقع التفاوضي القوي أمام الهيئات العالمية، بعد رفض هذه التعديلات، التي سترمي  بالتقارير الأممية وضغوطاتها، لوضعها أمام الأمر الواقع الشعبي، عكس تعاملها القسري مع الحكومات.
والله الموفق والمسدد والحامي لهذه البلاد التي كابدت خطوبا هددت استمراريتها في العقود السالفة، وحرمتها لذة الاستقرار المعنوي، والثبات الاجتماعي، والبناء الاقتصادي.

الأستاذ سعدالدين شراير

أستاذ مادة العلوم الإسلامبة في التعليم الثانوي، متخرج من جامعة الجزائر العاصمة بشهادة ليسانس في العلوم الإسلامية، خبرة 37 سنة تدريس

إرسال تعليق

أحدث أقدم