وقفة بعد لقاء الصحافة بالرئيس

منطلقي متابعة متأنية متمعنة لا من تأثيرات خارجية سيئة معادية، ولا عميلة، ولا مؤججة لفتن داخلية قصد تحطيم البلاد، ولا من مجرد المعارضة لأجل المعارضة، ولا تنفيذا لأجندات مشبوهة، ولا تجنيدا في إطار مخططات مكشوفة، ولا استغلالا لظرف موجه، ولا انسياقا وراء فتنة الفوضى الخلاقة.
إنما من أصل التعاون على البر والتقوى، وقيمة نشر الغسيل داخليا، ومكانة النقد البريء، مقدما ما رأيته تنويها بصواب في لقاء السيد الرئيس بمجموعة صحافيين، منتهيا بعد ذلك بما أراه أخطاء يلزم علينا تجنبها.
1/ أنوه بالعزم على جلب الخبرات العلمية التي همشت فرحلت إلى الخارج.
2/ أنوه بإدارة الظهر تجاه النظام الرئاسي الصلب المعبر عن التجبر والطغيان والتسلط ما يشير إلى نية الرجل وقناعته الظاهرة بالعمل التشاركي.
3/ أنوه بانتهاج الموقف من الحاضر الصحي علميا لا سياسيا.
4/ أنوه بالنظرة المقدسة للتعليم والوعد بدراسة وضعيته.
5/ أنوه بضوابط الزيادات المختلفة خاصة في الوقود.

لكنني في المقابل أشير إلى مكامن العتب كما أراها راجيا أن يتسع صدر سيادة الرئيس لمختلف تنبيهاتنا وقد منح جميع الجزائريين سعة المشاركة في البناء:
1/ إن اللقاء لم يكن للنقاش، الذي لم نُمنحْ فرصته المقوية للعملية الإعلامية أكثر، وهذا يكفي عنه اللقاءات الإعلامية للسيد مسؤول الإعلام على مستوى الرئاسة.
2/ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال(وَمَن بَطَّأَ به عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ به نَسَبُهُ) رواه مسلم.
نحن الآن نخوض عملية البناء التي لا يضمنها النسب، وشهداؤنا الأبرار البررة الكرام عليهم رحمات الله، لهم مقام الفردوس عند ربهم، رفقة النبيين والصديقين والشهداء إن شاء الله، وهم هاماتنا وقاماتنا على رؤوسنا وأعيننا، وجعلنا الله شعرة في صدورهم، نقتفي آثارهم، لكن استشهاد مجاهد في سبيل الله قد يكون شفاعة لأهله يوم القيامة وليس صك غفران لهم، ولا تزكية أعمالهم في الدنيا، فذلك موكول إلى الله تعالى وحده، فأبوة آدم لم تشفع لابنه القاتل، وأبوة نوح لم تشفع لابنه الكافر غريق الطوفان، ونبوة نوح ولوط لم تشفع لامرأتيهما، وأبوة الحسن البصري رحمه الله لم تشفع لابنه العاق ولو أنه تاب، وبنوة عبدالله بن عبدالله بن أبي بن سلول لم تشفع لأبيه المنافق، وهؤلاء الملائكة قال الله تعالى فيهم (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى? وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28)) سورة الأنبياء، فأبوة الصالح لا تمنح صك الصلاح لابنه على بياض، ولو استيقظ الشهيد من قبره لمقت مسودة لجنة التعديل ورئيسها.
3/ العمل على استخلاص دستور توافقي، سيساوي بين أقلية، وأغلبية، ومناقض لمعنى الاستفتاء.
4/ نحن الأوائل في كل شيء، لا يترك لنا هامش التعامل التبادلي مع الغير.
5/ لم نخرج بعدُ من عقدة الصواب الشخصي والتبرير له مثل عتبنا على عقدة الرفض المبرر.
6/ تناقض منح الكثير من الصلاحيات للوزير الأول أورئيس الحكومة وإلقاء اللوم والعتاب والتبعة عليه لإقالته وتغييره، مع التصريح باتخاذ الكثير من القرارات التقنية الصالحة للحكومة، فرار من تحمل مسؤولية تهلهل البرنامج الحائز على التصويت الشعبي، وتكسير الانسجام السلطوي.
7/ استخلاص إحداث منصب نائب الرئيس من تجارب وأمور حصلت دليل على ضبابية في رؤية ذاتية مستقلة واضحة لبناء الدولة التي تسوس الأمة.
8/ تناقض الدفاع على بند إتاحة خروج الجيش في عمليات حفظ السلام، مع الحرص على استخدام المال في التنمية عوض تبذيره في تلك العمليات، دليل على إبهام في الهدف منها.
9/ الكلام عن طبيعة العلاقات مع دولة فرنسا دون الإشارة إلى ضابط وشرط تخلي هذه الدولة عن النظرة الاستعمارية الوصائية، زيادة في قلق الشعب نحو طبيعة الجزائر الجديدة.
10/ إتاحة طرح بعض الأسئلة بالفرنسية، واستعمال بعضها في الإجابة عليها، وهي لكنة مستعمر، لا يناسب تقديس اللغة العربية الرسمية  داخل مقر حكم الدولة المستقلة.
وفي الأخير:
إما المنظومة في الاتجاه المأمول لكن التعبير عنها عطله زمن ومسار الكلام المترامي الأطراف.
وإما أنها في الاتجاه المعاكس القديم المتجدد والتعبير عنها كان صحيحا ممتازا.
الأستاذ سعدالدين شراير

أستاذ مادة العلوم الإسلامبة في التعليم الثانوي، متخرج من جامعة الجزائر العاصمة بشهادة ليسانس في العلوم الإسلامية، خبرة 37 سنة تدريس

إرسال تعليق

أحدث أقدم