مصير الموسم الدراسي والحلول الممكنة.

بعد التدرج في الحجر الصحي بالتمديد المتواصل إثر تزايد الإصابات، وقلة احترام جمهرة الناس لضرورة التباعد البدني والاجتماعي، فإن كل القطاعات المتأثرة قادرة على استعادة توازنها، إلا قطاع التربية المحكوم ببرامج ومناهج مقيدة بتوقيت لا يسع غيره (كما يقرر علماء الأصول)، بحيث لا تقبل تأجيل جزء كبير منها بحيث تفرض رزنامة جديدة يبتدأ بها تدريس البرامج والمناهج للأجيال المنتقلة القادمة من المستويات الدنيا.
ولأن توقيت عطلنا كسائر الدول مرتبط بالخريف والشتاء والربيع ثم الصيف، لتهيئة فرصة الاستراحة للتلاميذ، بحيث لا يمكن الضغط عليهم بإلغائها لتعويض الفائت، فإنه في رأيي لابد أن تدرس كل الاحتمالات بتربوية وعلمية وواقعية، دون هيجان ظاهره من قبله الحرص والنفع وباطنه من قبله التلف والفساد.
لأن الموسم الدراسي الآن أصبح مهددا أكثر من أي وقت مضى، وهو الآن في مهب خطر الوباء،، وإذا كان حضور مؤطري التعليم من أساتذة ومختلف الأعوان ممكنا بسبب الوعي والتطبيق الصارم للتباعد، فلا يمكن المغامرة بالمتمدرسين لأننا لا نضمن أبدا ذلك بينهم.
ولذلك لابد من التفكير المليّ في كل المقادير الربانية الواردة لبسط التخطيط حسبها، ولكل الاحتمالات الناتجة عنها، والاقتراحات الممكنة مع مراعاة مآلات الخروج من النفق ونتائج اقتراحات المختصين التربويين استعانة بذوي الشأن وأخص بالذكر أهل البحث الطبي والتلاميذ وأولياءهم، كي تقرر السلطة بعد ذلك وتنفذ الهيئات الدنيا المكلفة.
وإذ أتقدم بين أيدي المتابعين الأعزاء بالاحتمالات الممكنة، فإني لا أصدر رؤيتي من منظور نقابي، أوحزبي، أوغيرهما، لأنني وبكل بساطة لم أطلع لحد الآن على مقترحاتها، إلا نقل مقترح الحل الثالث من إحدى الأستاذات.
ومن الاحتمالات الممكنة التي أراها هي:
1/ إمكان تلاشي الوباء قريبا، لكن آثاره لا تندثر إلا بعد أربعةَ عشرَ أوأربعين يوما، ما يضطرنا إلى تمديد التباعد والحجر خلالها، وإلا تعرضنا إلى موجة أخرى فتاكة.
2/ هذا المقرر الصحي يقودنا إلى احتمال آخر وهو استفحال الوباء لا قدر الله، يحتم علينا اللجوء إلى الحلول الاستعجالية لإنقاذ الموسم الدراسي بما هو ممكن وواقعي ومقدور، إذ لا تكليف إلا بمقدور، (كما يقرر علماء الأصول).
3/ ومع استبعاد فكرة إلغاء الموسم الدراسي وإقرار السنة البيضاء،، فإن الحلول المقترحة قد تكمن حسب رأيي فيما يلي:
الحل الأول: استئناف الفصل الثالث بعد عيد الفطر بشكل طبيعي، ثم تنظيم الامتحانات الرسمية، مع تقليص عطل الموسم الجديد، كإلغاء عطلة الخريف، وتقليص عطلتي الشتاء والصيف بأسبوع لكل منهما، واستعمال شيء يسير من عطلة صيف 2020 / 2021، ومحاذير هذا الحل تكمن في: 
أ// الإرهاق في الموسم الجديد، مما قد يتسبب في ضغط يؤول إلى عقبات نفسية، فتتعدى إلى عنف مجهول الأسباب عند الكثير. 
ب // الخطر الجنسي الذي لا ينبغي إغفاله بحجة التحفظ، إذا التفتنا إلى اختلاط مؤسساتنا التعليمية، ولباس الصيف وسلوكاته عند بناتنا غير المحجبات لا يشبهان أبدا ما يكون في غيره،، فلابد في رأيي من دراسة هذا المقترح جيدا من الناحية المعنوية والنفسية ونتائجها العلائقية بين مختلف الفاعلين في الحقل التعليمي.
الحل الثاني: استئناف الفصل الثالث بعد عيد الفطر بشكل غير طبيعي، تحشر الدروس في أسبوعين أوثلاثة على الأكثر، ثم المرور إلى الامتحانات الرسمية، التي أرى أن تكون محتويات أسئلتها من الفصلين السابقين، على أن تنحصر هذا الحشو فيما يتعلق ببداية السنة الجديدة لكل مستوى تعليمي، بما في ذلك المقبلون على الجامعة، مع الاضطرار إلى تقليص عطلة الصيف، لاستئناف الموسم الجديد في ظروف واقعية عادية.
الحل الثالث: إلغاء الفصل الثالث،، والانتقال إلى إهداء سلطوي من الرئاسة أوالوزارة بانتقال الكل إلى المستويات الموالية دون الخضوع للمعدلات النهائية، تجنبا للسنة البيضاء، والاكتفاء بتعويض الدروس عن طريق مختلف الشبكات الإعلامية والتواصلية، لاستحالة التقويم الداخلي، وتبقى التبعة على التلاميذ وأوليائهم في حسن التحصيل لمواكبة المسار التعليمي،، ليتسنى تخصيص المتبقي من الوقت لتنظيم امتحان البكالوريا فقط باعتبارها امتحانا عالميا،، وهذا الحل ليس بدعا، إذا علمنا بأن بعض الدول المتقدمة تربويا تعمل به في بعض الأطوار، وقد نقلت هذا الاقتراح من غيري.
الحل الرابع: إلغاء الفصل الثالث،، واحتساب معدل الفصلين السابقين للانتقال،، وإذا كان هذا ممكنا فإنه يعتريه اختلاف الرؤى بين الكثير، ممن يصر على اعتبار المعدل 10 من 20،، ومن يقترح تخفيضه إلى أقل كمعدل 09 أو09.50 على سبيل المثال، كإجراء خاص بهذه السنة فقط، على ألا يصبح سنة تقتدى فيما يأتي من قابل السنوات.
أ // الإبقاء على معدل 10 من 20: 
احتراما لقداسة التعليم، وجهد الأساتذة والمتمدرسين،، وتجنبا للتذرع بغيره إلى وسيلة التهرب من المسؤولية كلما لاحت بوادر عسر ولو لم تكن مثل هذا الوباء، فيتساهل القائمون ومنهم السلطة، وتذهب نضالات سابقة للوصول إليه،، وتجنبا للتسوية بين التلميذ الذي بذل وسعه في التحصيل، وغيره، وبالتالي إهدار قيمة العدل،، ولكن هذا الاقتراح لا يخلو من مخاطر ونقد، لأن التلميذ المحصل على الأقل له حق الاحتجاج بقدرته على الوصول لو تمت له دراسة الفصل الثالث، وما ذنبه بإلغائه، ومنهم من يتذرع باستدراكه جميع الدروس ومراجعتها أثناء فترة الحجر الصحي.
ب // تخفيض معدل الانتقال: 
لأن الإصرار على معدل 10 سيظلم البقية، ويحرمهم من فرصة كانت بإمكانهم لو تمت مزاولة الفصل الثالث،، إلا أنه لابد لتنفيذه بنجاح من دراسة متأنية واقعية لئلا يكون لهم حجة على السلطة، كأن يقترح معدل 09 مثلا، لأن سبب المعدل 08 في رأيي تساهل في التحصيل، والأمر يتعلق بعمل ذهني تعطل لأسباب مختلفة، لا يقدر معه على الاستدراك المحتج به.
الحل الخامس: وهو احتساب المعدل 10 مع تنظيم امتحان استدراكي لغير الحاصلين عليه من ذوي المعدل 09، أو09.50، لإقامة الحجة على من لم يسعفه الحظ، ويبدو أنه الأنسب كحل وسط، رأيته في مختلف التعليقات بعد نشر هذا المقال في حسابي ومختلف مجموعات موقع التواصل الاجتماعي، بعدما كنت أميل إلى
الحل الرابع ب// مراعاة للظروف القاهرة المانعة، واعتبار تقارب المستويات، وحتى  حائز المعدل المقبول معرض إلى مفاجآت قد تضعف تحصيله، فالعدل بينهما يقتضي إنقاذ الموسم الدراسي بهذا الشكل، لأن الاقتراحات السابقة لها محاذيرها الحقيقية والواقعية التي لا تنفك عن السلطة ولا الوزارة ولا التلاميذ ولا الأساتذة ولا الواقع الصعب الذي قد يمنع اللجوء إليها.
الأستاذ سعدالدين شراير

أستاذ مادة العلوم الإسلامبة في التعليم الثانوي، متخرج من جامعة الجزائر العاصمة بشهادة ليسانس في العلوم الإسلامية، خبرة 37 سنة تدريس

أحدث أقدم