الاستثمار الأجنبي في مآسي السنة والعرب.

ذكرت أهل السنة لأن الاستثمار الأجنبي في مهازل المسلمين منصب عليهم لا على غيرهم كالشيعة مثلا، لأنهم ليسوا مصدر قلقه على الأقل لحد الساعة.
وذكرت العرب لأن مناطق تواجد أهل السنة بالأغلبية الساحقة هي الرقعة العربية، من باب الخروج مخرج الأغلب الأعم كما يقول أهل الفقة والحديث، غير نافٍ تواجدهم في غير المناطق العربية، وليس من باب الاتجاه العرقي.
في غزوة بني المصطلق تشاجر جَهْجَاه الغفاري المهاجري وسِنَان بن وَبَر الجهني الأنصاري بشكل إنساني طبيعي حول بركة ماء، فاغتنم رأس المنافقين الحدث لتفجير فتنة، لولا حسم النبي صلى الله عليه وسلم بالمسير للقضاء عليها في مولدها.
لقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ترقب الخلاف بين البيعين حول السوم أوالعقد، وبين الخاطب وولي المرأة حول بعض المسائل للانقضاض على الصفقة قبل تمامها أوإلغائها.
في مناسبة جمعت أفرادا، حدث أن ضرب أحد المتدينين غيره بمحزمة بسبب شجار، فاستشاط ثالث بصوت صارخ في فرصة لتشويه التدين.
ما يبين أن تحين الفرص في حياتنا متعدٍ إلى الجوانب الإنسانية والطائفية والدينية والاجتماعية وغيرها.
المتابع اليومي لأحدث المسلمين في العالم، يلاحظ انتهاز غيرهم لتخلفهم في محاولات تمزيق الأمة والنيل منها لعدة أسباب.
وأهل السنة من العرب بالخصوص هم الضحية المقصودة بسلوكات ومؤامرات قيادات أمم أخرى منذ فجر الإسلام إلى الآن.
ونجد التركيز في تحقيق المراد على أحوال التقهقر في مجالات متعددة، تمكينا لغيرهم من الأعراق والمذاهب الدينية والعقدية.
من الأسباب التي يمكن في رأيي تعليق هذا الاستثمار الماكر بها هي:
1/ جور الحكام:
إن الله ينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة،، الظلم والاستبداد مآله إلى التخلف والتناحر والاندحار الاجتماعي وذهاب الهيبة قال تعالى(ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) سورة الأنفال،، إن العلاقة
السيئة الاستعبادية من الحكام ضد رعاياهم المسلمين، تؤشر لغيرهم على تقييم مدى التقدم في توسيع بؤر التوتر حفاظا على المصالح المعروفة،، واتخاذها سبب نفور الصالحين من عتبات أبواب الحاكم، وتسلق البطانة السيئة الفاسدة المجسدة لمشروع الغرب وعملائهم في بلاد المسلمين.
لذلك كثير من العلمانيين والطائفيين من العملاء في بلادنا يستثمرون في سطوة حكام المسلمين عموما والخليج خصوصا لدفع عجلة بغض العرب وأهل السنة، وتشويه الإسلام وربطه بسلاطين لا علاقة له بهم.
وما الإشارة إلى (بول البعير) في أدبياتهم منا ببعيدة، ممن يستهدف إهانة أهل السنة والعرب، ما لم نسمع مثله عن غير أهل السنة، كالشيعة.
ولذلك تتشكل العربوفوبيا بشكل عنصري بغيض.
2/ التطرف الديني:
يحاول كثير من المستثمرين السياسيين والعلمانيين والاجتماعيين ربط التطرف الديني ومظاهره بأهل السنة والعرب، ومنه نسبة كل عمل إرهابي لهم، بل يتم تشكيل كتائب سنية باسم الجهاد ضد المسلمين لا ضد الكافرين، من القاعدة والنصرة وغيرهما، لأن التشدد الديني ولو كان بنية العبادة والتمكين للدين يبقى من الأساليب السيئة في التعامل الإنساني، ما يزيد كل مرارة النظرة الحانقة لهم من الغرب وعملائه، أعتبره نجح بشكل ملفت في توسيع الهوة.
ولذلك نجده منهيا عنه، قال تعالى {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159]} .

{فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى [طه:44].} عن طريقة تعامل موسى وهارون مع فرعون.
عن عائشة رضي الله عنها: أَن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ، وَيُعْطِي على الرِّفق ما لا يُعطي عَلى العُنفِ، وَما لا يُعْطِي عَلى مَا سِوَاهُ.. رواه مسلم.
عن أَنسٍ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَسِّرُوا وَلا تُعَسِّروا، وَبَشِّرُوا وَلاتُنَفِّرُوا.. متفقٌ عَلَيْهِ.
عن جرير بن عبداللَّه رضي الله عنه قالَ: سمعتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقُولُ: مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ يُحْرمِ الخيْرَ كُلَّهُ.. رواه مسلم.
لكن الوقائع اليومية تصور دفع كثير من المتدينين ولو مظهرا من قبل قوى مجهولة وأخرى معلومة إلى التطرف لتشكيل صورة الإسلاموفوبيا، لكن للأسف في مناطق أهل السنة فقط.
وما تجرؤ البعض على مقولة {اركبوا خيولكم واذهبوا إلى اليمن} إلا دليل على نتيجة هذا الاستثمار الماكر، واستغلال الوعي الناقص لدى كثير من المسلمين، وكأن بلادنا هي صحراء الإبل والخيل فقط، رغم القوة الاقتصادية المنهوبة.
إن احتجاز ضمائر أمراء وملوك دويلات الخليج، وعدم قدرتهم على الإفلات من دائرة العمالة الغربية، وإهدارهم أموال البترول والأرزاق بين أيدي قيادات الغرب وإسرائيل، وتسخيرها لها، والدعم المتملق من شيوخ باسم الدين، وتحويل بلاد العرب إلى ساحة ملعب لأمريكا وإسرائيل، نَفَّرَ جُلَّ العالم، وجعله يكره كل ما هو عربي خليجي، في غفلة من الوعي بالمتسبب واللاعب الرئيسي من وراء الستار.
فكان عاقبته الفرقة الحالقة التي أضحى فيها المسلم المغاربي لا يرعى مصيرالمسلم المشرقي والعكس، لنظرة متضادة مكَّن لها الغرب بينهما.
ولأن الغرب يعلم جيدا مكامن الخطر عليه ومواطن حرمانه من مصالحه، انهال بكل قواه على أهل السنة، وما الحروب والدمار الشامل في ليبيا والسودان واليمن وسوريا ولبنان وغزة والتلاعب ببلاد الحجاز إلى تعطيل العمرة لحد الآن إلا خير مشير إلى التركيز على مناطق تواجد السنة دون الاكتراث بمواقع غيرهم.
ومن خطورة استثماره في الواقع اليومي للعرب فإنك تجد المسلم المغاربي (على سبيل المثال) يشمئز من سماع كلمة الخليج، ويتلذذ بذكر مثالبهم الاجتماعية وتخلفهم الاقتصادي وتبعيتهم العلمية، والعكس.
إن الاستثمار في مساوىء المسلمين والعرب أخذ مناحي خطيرة جدا، وفَّـرَ على الغرب جهودا حثيثة قد تضنيه لو لم يستعمل لنفسه عملاء منفذين مشاريعه نيابة عنه، يضحك على ذقونهم من شدة التبعية، وفي كل مرة يتهيأ لهم سراب سلوكاتهم، وما السقوط في فخ إلغاء صلاة الجمعة بالكويت عوض ترك حرية الإتيان إليها إلا مثال.
ولا نجد حلا في هذا الخضم بنظرتي إلا بمراجعات فكرية ونقدية وحراك شعبي خليجي يدفع حكام العرب إلى التوبة أوالانسحاب ويستبدلهم بآخرين منتخبين ذوي شرعية شعبية.
رغم أنه يستدعي صبرا ووقتا وعملا على استرجاع الفطنة الغائبة لمحو الصور البشعة التي تسوق عن العرب وأهل السنة من قبل غيرهم، ورفع سقف الوعي الإسلامي، وصرف عيون الغرب عن نور ضوء ساطع قادم من الشرق بعون الله.
الأستاذ سعدالدين شراير

أستاذ مادة العلوم الإسلامبة في التعليم الثانوي، متخرج من جامعة الجزائر العاصمة بشهادة ليسانس في العلوم الإسلامية، خبرة 37 سنة تدريس

أحدث أقدم