القايد صالح شيكور فرنسا


لقد استوقفتني هذه العبارة بين هتافات الجماهير الحاشدة التي نفرت مشيعة جنازة قائد أركان الجيش الوطني الشعبي، طاردين سيارة السفارة الفرنسية من المشاركة في الموكب الجنائزي، عند قصر الشعب.
إن هذه العبارة (القايد صالح شيكور فرنسا) دليل على وعي الشعب الذي غصت به مسالك الموكب، وارتفاع مستواه لدى الشباب خاصة حول المسألة الوطنية والاستقلال عن الوصاية الفرنسية، والفارق النوعي بين ضباط فرنسا الملتحقين بالثورة قبيل انتهائها ومنهم بعد اتفاقيات إيفيان المشبوهة، والجيش الوطني الشعبي الحريص على التحرر من قبضتها، بقيادة القايد صالح رحمه الله الذي ترقى في صفوف جيش التحرير الوطني.
شباب كانوا على أحر من الجمر يوم الجنازة وهم يلتقون لأول مرة في تاريخ الجزائر بقيادات عسكرية دون حواجز نفسية وبروتوكولية.
إلا أنني أريد توجيههم ونصحهم مع مرتادي حراك الجمعة في جزئية لو وعيناها لحققنا وحدة متراصة صلبة تجاه كل التحديات المنتظرة بعد الرئاسيات.
يجب أن يدرك إخوان الحراك أن الحرب الآن دائرة بين الجزائر وفرنسا وأزلامها، ولا شيء متعلق بالشعارات المرفوعة إلا لما كان له صلة بهذه الحرب، ولذلك أعلنت فرنسا أن المساس باتفاقيات إيفيان خط أحمر، ورأينا شبابا غيورا يطرد السيارة الديبلوماسية الفرنسية من المشهد الجنائزي فكادت تحدث كارثة لولا تدخل قوات الأمن لصرفها من الموكب صرفا جميلا، ورأينا رفض قيادة الجيش شراء السلاح منها، واقتناءه من غيرها، ولذلك أقدمت فرنسا كل مرة على الدفع ببعض الجزائريين إلى تعفين الوضع للخروج دون حلول إلا الحلول التي ترضيها وتصون مصالحها الاستعمارية.
أطلب منهم إدراك خطر الشعارات المفرقة بين الجزائريين، التي ظاهرها الرحمة وباطنها التمكين للعدو، والذين يتقيأون في ساحتنا ما يتغذون به من مخابر المستعمر، والسموم المنفوثة من داخل وخارج البلاد للتفريج على العصابة الموقوفة والمراقبة قضائيا، وعودة الاستئصال، واحتلال السلطة من طرف فئة استأثرت بخيرات ومقدرات البلاد، على حساب شعب بكامله، وجسامة مداهنتها واعتبارها مجرد معارضة تستهدف الحريات والعدالة والمدنية، وقد تهيأ لها ذلك مع طغمة التسعينات لكنها أيدتها ضد ما تدعيه الآن، والسم الانفصالي بحيلة معارضة النظام، وتجاوز لحمة الجيش الضامن الوحيد لهيبة التراب الوطني، وجلل فتح جبهات معادية للحراك قد تؤدي به إلى التقزيم نراه من أسبوع لآخر.
وبالمقابل على الشباب الوطني الواعي إدراك عظمة الانزلاق المجتمعي والأمني والمعنوي إثر تبادل التهم، وإلصاقها بكل متبع ولو غفلة، وحقارة التعميم، ومصادرة حرية الرأي الإنساني المؤدب ولو كان مخالفا، وخساسة تناول القضايا بالحدة والحقد والتباغض والشنآن والاندفاع الزائد المؤدي إلى استحالة الحل لا سمح الله، ونذالة الإدبار عن أي محاولة الانصياع للجلوس إلى لقاء الإخوة الفرقاء قبالة طاولة الحوار الموصلة إلى اتفاق يبني الدولة الوطنية المسلمة المنشودة بإجماع الأغلبية الواعية وإقامة الحجة على شرذمة بائعي الذمم.
لذلك أنادي الجميع إلى الالتفاف حول قيمنا الوطنية الإسلامية أولا وقبل كل شيء، لنضمن وحدتنا ورص صفوفنا، لأن ما بعدها مجرد تحصيل حاصل فقط.
وأدعو كل متبع لمن ليست لهم صلة بالهمة الوطنية إلى التدفؤ داخل أحضان أحرار الوطنيين الحريصين على سلامة البلاد أولا وقبل كل شيء، لأن ما بعدها مجرد تحصيل حاصل فقط.
وأدعو كل الجزائريين إلى فهم لب الصراع وهو الهوية العقدية الجزائرية المتشوقة إلى الانفكاك عن المحتل القديم، ولو زينه البعض بمسرحية صراع الأجنحة، لأن النمو الاقتصادي والثقافي والتعليمي والصناعي والتجاري والإنتاجي والديبلوماسي والسياسي ما هي إلا نتاج التحرر العقدي الهوياتي منه، ولأن ما بعدها مجرد تحصيل حاصل فقط.
وأدعو أحرارنا إلى الاقتناع بأن الحرب قائمة بيننا وبين فرنسا أولا وقبل كل شيء، دليله الاستماتة القوية منها بالتدخل كل هذه المدة في شأننا الداخلي ومن عملائها، لأن ما بعدها مجرد تحصيل حاصل فقط.
وأدعو إلى ضبط البوصلة نحو الاتجاه المعاكس لها أولا وقبل كل شيء لأن ما بعدها من قيم مجرد تحصيل حاصل فقط.
وأدعو مواطنينا إلى الاعتصام بحبل الله جميعا وليكن مثال الأوس والخزرج خير نبراس لنا.
وأدعو مواطنينا إلى اتخاذ جنازة الفقيد القايد صالح محور اللفيف الوطني الحر أولا وقبل كل شيء، لأن ما بعدها مجرد تحصيل حاصل فقط.
الأستاذ سعدالدين شراير

أستاذ مادة العلوم الإسلامبة في التعليم الثانوي، متخرج من جامعة الجزائر العاصمة بشهادة ليسانس في العلوم الإسلامية، خبرة 37 سنة تدريس

أحدث أقدم