النَّجَشُ ومقاصد الطريق.


Image result for ‫مسيرات عفوية مساندة الجيش الجزائر‬‎

يدرج فقهاؤنا موضوع النجش لدراسة أحكام البيوع للتنبيه على تحريم جلب المشتري والمساوم، أوتنفيره، مستلهمين إسقاطه من تنجيش الصيد كي يقع بين مرايا السلاح، لا أن ينجو منه. كما يدرج مقاصديونا قواعد الوصول إلى الغايات الشرعية بالاحتكام إلى وسائلها الشرعية.إنني مساند بروحي وعقلي لمشروع ضخم بدأه الرجال الأشراف في الجيش الوطني الشعبي ضمن مهامهم الدستورية، للتطهير والتحرير، تحقيقا لآمال شعب منذ استقلال صوري تحت وصاية المحتل، بعدما أرهقته الضربات القاتلة المؤلمة لثورة مجيدة لقنته استحالة استمرار القبضة الأمنية العسكرية على جسد أمة أشربت قيم الإسلام في التضحية بتلذذ غرغرة الشهادة نحو جنة الخلد، فلا يعني أن أساند كل الخطوات والوسائل والأساليب المنتهجة لتحقيقه.وإن كنت مع النضال لأجل الدولة المدنية فلا يعني أن أساند كل الأساليب والوسائل المنتهجة للوصول إليها. وقد تمكن هؤلاء الأشاوس من الوصول إلى محطة مفصلية، وهي تنظيم انتخابات رئاسية ولو لشرعية دستورية. ومع ذلك لست أيضا مع النجش السلبي، ولا مع ردود الأفعال (إن لم تكن مدروسة) إلا إذا كانت ضربات استباقية منعا لوصول العدو إلى المعسكر.   لقد تتابعت أحداث معارضتها من قبل فئة شعبية يقودها رؤوس معروفون، بحجج مختلفة منها نقص أوانعدام الثقة في قوانينها وظروفها المؤدية إلى الشفافية والنظافة، مع موافقة فئة أخرى بمبررات على رأسها إنقاذ البلاد من مخاطر محدقة، ولو بشرعية ناقصة كمدرج في الطريق السليم، تبادلا في استعراض البراهين استقطابا للمزيد. لكن أن يتحول ذلك إلى تفعيل التضاد عوض التناجز الفكري الحججي، فهو غير مقبول، ولسنا في حاجة كي نعود إلى أيام خلت.     و يقيني أن أغلب الشعب الجزائري مع فكرة اختيار رئيس في أقرب الآجال لأنه سئم الفراغ الدستوري السياسي الهرمي، ومتخوف كثيرا من مخاطر بقائه وقتا طويلا، مؤثرا على أمنه واقتصاده وتعليمه ومؤسساته وإنتاجه وتجارته وغذائه وتماسكه الاجتماعي.ومع تتابع الأيام وبدء مظاهر الحملة الانتخابية، انسكبت الأحداث إلى منحى تعطيل التجمعات في بعض الأماكن لا كلها، دفع إلى تنظيم مسيرات عفوية أومنظمة تأييدا للجيش الوطني الشعبي، ومشروعه مرورا بالانتخابات، ما أعتبره من تفعيل النجش السلبي، نحو تنفير القناعات، عوض ترك التفاعلات تسير بالعادي، لأن كل شيء يوحي بمشاركة شعبية كبيرة، والسكوت المقابل لدعوات التصعيد ما هو إلا همس بالمشاركة القوية فيها، ولذلك أرى أن في الأمر احتمالين:1/ العفوية ومع ذلك فهي تقزيم الأغلبية المقتنعة بالمشاركة من خلال هزال من يعدون بالمئات عوض الآلاف القابعة انتظارا ليوم الحسم، خوفا من الصدام مع رهط قد لا يحترمون فكرة تبادل الحريات.2/ التنظيم وهو ما يذكر بالعهود البالية المؤيدة للأنظمة الفاسدة بمظاهر فلكلورية،، في وقت نرمي إلى محاربة الفساد وتطهير البلاد منه بأيدي أشراف الجيش الوطني الشعبي الحالي وليس جيش التسعينات الإجرامي، ما يستنفر كتلة معتبرة ترفض سلوكات قديمة، ويضعف قوة المشاركة.     وما زاد من أنفة الأفاضل هو خروج وجوه كانت داعية إلى تمديد عهدة مرفوضة، درءً للتشبه بهم.إن عملية النجش الناجعة في رأيي هي استمرار السكوت على المقاطعين والبرهنة عمليا يوم الثاني عشر من شهر ديسمبر 2019 بحول الله، وتصديع رؤوس منتحلي الديمقراطية والحريات بصدمة تاريخية، هذا إن لم ينتخبوا على مرشحهم، باستغفال العوام لتفريغ الساحة لهم.إني أرى وأنصح أن نحافظ على الهدوء، وضبط النفس، وتجنب التضاد العنيف، وردود الأفعال التي لا تجلب إلا الوبال، والتراشق، والصدام الذي لن يفرح إلا أرباب المصالح المشبوهة.   وأدعو كافة الشعب الجزائري إلى الكف عن تلك المسيرات المؤيدة بما أن أغلبية الشعب من الطبقة الصامتة التي ستقول كلمتها يوم الصندوق بإذن الله بعدما استيقظت على وقع إجرام مؤامرات الأعداء والعملاء.ارفعوا مستوى المراقبة عوض السقوط في أرض معركة الرابح والخاسر فيها خاسران.


الأستاذ سعدالدين شراير

أستاذ مادة العلوم الإسلامبة في التعليم الثانوي، متخرج من جامعة الجزائر العاصمة بشهادة ليسانس في العلوم الإسلامية، خبرة 37 سنة تدريس

أحدث أقدم