نبع الفتنة.

مشكلة إخواننا معارضي تنظيم الانتخابات المقبلة أنهم يعتبرون الداعين إليها خصوما أومتهمين أومكفرين لهم، وهذا بعيد جدا، بل هم منافسون أومخالفون في الأسلوب والوسيلة فقط، مع الاتفاق حول القيم والمبادئ، لأنه نزاع أحبّة (في الظن والتفكير)، والخلاف لا يفسد الود، لكن الخفيّ عنهم وراء الستار هو قيادات التيار العلماني الموالي لفرنسا الذين فجروا هذه القنبلة في وجه الجزائريين بعدما كان الحراك موحدا على كلمة واحدة، عزل بوتفليقة وانتخاب رئيس جديد، يخشون الصندوق ويحرصون على التعيين، بالمحاصصة، أوالمجالس التأسيسية، أوالفترات الانتقالية المرسمة(نحن في فترة انتقالية غير مرسمة)، أوالمجالس الرئاسية، وكل ما يهمشهم في إطار الصندوق (لأقليتهم)، ويضمن لهم الحصص ليتحكموا في الأغلبية بهوية وتقاليد وقوانين ومناهج وتعليم غير أصيلة للبلاد. 
أذكّر الإخوان المحترمين بكريم طابو القائل: (حتى لو استقالت الباءات فلن نذهب للانتخابات)، ماذا يعني هذا الكلام؟
إن هؤلاء لن يذهبوا إليها حتى ولو تحققت نزاهتها، والتي تضرهم، لذا يطيلون عمر الأزمة، إلا إذا ورَّطُوا النظام برئاسته وعسكره، وحكومته، وغيرهما بما يضمن لهم مناصب سيادية (لا مادية) مسيطرة على الأمة. 
ألا نتذكر أنهم مزقوا آمال الشعب وأساتذته وتلاميذه بإلغاء مشروع المنظومة التربوية في نهاية الثامنينات؟ 
ألا نتذكر أنهم كانوا على رأس رافضي انتخابات التسعينات؟
ألا نتذكر أنهم ترجّوا العسكر للتدخل ضد إسلامية الدولة؟
ألا نتذكر أنهم من فجّر تلك المسيرة المشؤومة بعد انتخابات ديسمبر 1991 وضغطوا لإلغائها وتم لهم ذلك؟ ألا نتذكر أنهم جالوا وصالوا عواصم العالم الغربي والخليجي يبررون تفجير الوضع وتشويه صورة الإسلام والإسلاميين؟
ألا نتذكر أنهم زكّوا رئاسة معينة غير منتخبة بالديمقراطية(التي لا يؤمنون بها)؟ 
ألا نتذكر أنهم لم يتفوهوا ببنت شفة ضد انتخابات سنة 1995 رغم قوانينها المبنية على التزوير، والتي شجعوا فيها عسكرهم آنئذ على مفاوضة الشيخ نحناح للتنازل بعد فوزه المفاجئ لهم؟  
ألا نتذكر أنهم تبوأوا مناصب غيرهم في المجلس الوطني الانتقالي معوضين مقاعد شرعية لمن فاز في تشريعيات 1991 المعترف بها الملغاة؟
ألا نتذكر أنهم الداعم المدني اللوجستي لعسكر القتل والذبح والتهجير إبانها؟   
ألا نتذكر أنهم نالوا النصيب الوافر من أراضي شاسعة لأبرياء هُجِّرُوا من قراهم بحكاية إرهاب مصنوع؟
ألا نتذكر أنهم زوروا كل أصوات الناخبين في العهدات الأربع؟
ألا نتذكر أنهم نالوا الكثير من المناصب نكاية في الجزائريين؟
ألا نتذكر أنهم تمكنوا من توجيه ذاكرة وهوية وتاريخ الأمة تشفيا فيها؟
ألا نتذكر أنهم دعموا ترشيح أحد العسكر (لغديري) دون الالتفات إلى مدنية
الحاكم، وبعد الزج به في عاقبة مآله أصبح الحكم العسكري منتنا؟   
ألا ننتبه إلى التاريخ؟
ألا نتذكر قريبا جدا أن منهم من تأسسوا محامين على الأذرع الأمنية والمالية والإعلامية والسياسية للعصابة المسجونة؟
فكيف يتخذهم بعض إخواننا الأعزاء الأبرياء المحترمين الأحباب قدوات لهم يرددون ما يقولون؟
هؤلاء القيادات مصدر الفتنة وليس إخواننا من عامة المنطلي عليهم ذرّ دسائسهم عليهم.
نعم كلنا نهدف إلى الضغط على النظام بكل مكوناته كي يضمن لنا ظروفا واقعية(لا مثالية) يكون فيها الصوت الشعبي هو السيد، ينصب من يشاء ويعزل من يشاء. 
نعم نريد تواصل الحراك السلمي لتحقيق كل الأهداف في عيش كريم بين كل الجزائريين.
لكن لا يغيبنَّ عنا أن تحقيقها لن يكون أبدا بارتداد طرْفٍ عين، إنما ما لا يدرك كله لا يترك جله.   
وأنا مع مواصلة الحراك حتى بعد الرئاسيات ليس لعزل الرئيس المنتخب، إنما لتحقيق مزيد من الظروف الاجتماعية والسياسية والأمنية والاقتصادية القريبة إلى المثالية بالتدرج الموافق لسنن الله في التغيير.
كل هذا دون المزايدة على بعضنا في حب الوطن، وإنما التعاون بالحوار والنقاش حول ما يحقق لهم الرغد الواسع، لكن بعيدا عن إملاءات العملاء من وراء البحار ولا ممن يلغون قيمة الشعب في ملء صندوقه بنفسه كريما غير مهان.  
فهل يتحقق لنا استقلال عن فرنسا وتحرر من الأجنبي باللحمة الشعبية الواحدة؟

الأستاذ سعدالدين شراير

أستاذ مادة العلوم الإسلامبة في التعليم الثانوي، متخرج من جامعة الجزائر العاصمة بشهادة ليسانس في العلوم الإسلامية، خبرة 37 سنة تدريس

أحدث أقدم