الحراك الشعبي وأسئلة المرتابين

منذ الانتفاضة ضد سلطة عائلة تحكم بالواجهة لصالح طائفة بالخفاء، وعصابة بالخدمة، واستقالة الرئيس، وتواصل المسيرات الأسبوعية، موازاة مع المحاسبات والتوقيفات، واختراق الأقلية العميلة صفوفَه لبث السم الزعاف عبادة لمحتل الأمس، بهجوم إعلامي قوي، وشعارات ولافتات مشبوهة، وتلقف المغفلين لها، وتحفظ الفاعلين من كشف الأنسجة المحاكة، تعاظمت الحيرة عند كل من يتوق إلى الخروج من استبداد الأمس، والتحرر من قبضة الضفة الشمالية، بتساؤلات كثيرة فرضتها تلك الهجمة الشرسة على جهود الرجال، انقطع به مفترق الطرق في اتجاه تأييد هدف الحراك وحماته وإيلائهم الثقة لقيادة القاطرة نحو شاطئ ترسو عنده الشرعية، أوفي اتجاه الانسياق وراء الباغين غير سبيله التي بدأ الخطو عليها نحو المراد التحرري. وإن كنت مع مبدأ التدرج في المعالجات، ومؤيدا لأطبائها، إلا أنني ألتمس كل الأعذار لمن يريد الاطمئنان النفسي على مسارات الأحوال، كيف لا والخليل إبراهيم عليه السلام سأل ربه تعالى الاطمئنان في قضية الخلق؟ 
لقد التمست في لقاءاتي الكثيرة مع الجمهور الحائر والشباب المحاور الرغبة في إجابات على ضبابيات غائمة على الأفق الوطني لا تمنح الفرد الثقة التامة ولا تمنع التكذيب الكلي،، ومنها:
1/ الغموض الغالب لبعض المجريات، وترك المبادرة للإعلام المناوىء يرفع من يوالي ويضع من يعادي.
2/ غياب حقيقة التهم التي أوقف بها البعض، جر الحيارى إلى استنكار وصف جرم صوره العملاء سياسة وانتقائية.
3/ التساؤل عن حقيقة التهم التي يحاصر بها بعض الممنوعين من الخروج ومشاركة الشعب هبته، كي تنجلي إما حقيقتها فيتوقف الدفاع على متهم، أوباطلها فهي مجرد شبهات فلم لا يسرح؟
4/ التساؤل عن دفاع شخصيات طليقة أومحاصرة على بعض الموقوفين وتكييفهم السياسي لذلك، وعن وجه الدلالة في توقيفهم، كي يكف الشرذمة عن استعمال شأنهم بترديد شعارات يراد بها غيرها وهز اليقين الشعبي.
5/ تلون شخصيات بلماع الوطنية خارج البلاد، والقائمون على الشأن الداخلي تاركون الحبل على الغارب.
6/ عدم توضيح مسألة التدرج في معالجة الأحداث وتجنب ذكر ما يستقطب ثقة الشعب، والتأخر في إفشال مناورات العملاء وإعلامهم، ومن وراء ستائرهم.
لقد بين القرآن الكريم ضلالات الكفر وأهله وتدابيرهم ضد المسلمين والنعيم المنتظر في الآخرة ثوابا على الجهاد ودحر الأعداء المتربصين، ولم يكتم الإسلام عن أتباعه شيئا مما به يتم الواجب.
والقائد البروسي الألماني أوتو إدوارد ليوبولد فون بسمارك استعمل الإعلام بقوة منذ سنة 1862 إلى غاية توحيد الولايات الألمانية، لفضح الخصوم ودفع العملية نحو النصر في الميدان.
إنه من المربك أن يتعالى قوم ممسكون بزمام نجدة شعب شارد بين طرح هؤلاء وهؤلاء، خاصة بعد اختراق صفوفه، ويترك أفراده بين مشدوه وراجٍ، حتى لترى المعتقد بما يسمى خياليا (الغولة) يردد كلمة (مسرحية) كلما رأى أوسمع أوقرأ.
وعلى العكس تم تسخيرالإعلام في التسعينات بكثافة ضخمة تمييعا للمشهد وجلبا للقدر الكافي الوافي من التأييد العام مع تكميم كل صوت مخالف، انقلبت به الموازين بالصحيح والخطأ، بالصدق والكذب، بالقهر والتوريط.
ومن المؤلم أن يسألك بعض المثقفين عن سر محاسبة فلان وترك فلان أوتأجيله، لقرابة، أوزمالة، أوجوار، أوغيرها، دونما إجابة بسبب عتمة إعلامية رسمية تحجب رؤية النور.
إن الدعوات والشعارات واللافتات المشبوهة لابد لها من جدار إعلامي كاشف بشكل جلي يرفع غمام الضبابية عن سويداء أذهان تبغي ذهاب الحيرة.
ومن المؤلم أن تجد مترددين يلوكون توجسا مقيسا على التسعينات فلا يجدون إعلاما يبين الفرق الجلي وبطلان القياس مع الفارق.
إن الأزمات في رأيي تدار بشكل يبقي على كسب ود المناصر ولو بتسريب البعض النافع دون الكل الضار، اعتبارا لقاعدة ليس كل ما يعرف يقال، مع إشارتها إلى بعض ما يقال، للإبقاء على شعرة الثقة، لأن الفاعل الحقيقي في الصندوق الشفاف إن كنا نريدها نزيهة هو زخم أصوات لا تقبل استجلابها دون إشراكها في الفعل المصيري من أوله إلى منتهاه.
فهلا استلم المعنيون رسالتي؟

الأستاذ سعدالدين شراير

أستاذ مادة العلوم الإسلامبة في التعليم الثانوي، متخرج من جامعة الجزائر العاصمة بشهادة ليسانس في العلوم الإسلامية، خبرة 37 سنة تدريس

أحدث أقدم