رسالة مفتوحة إلى المترشحين الخمسة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:     
ونحن على مشارف الخروج إلى مراكز الاقتراع لاختيار من نراه قادرا على الإمساك بزمام قياد البلاد ومصير العباد، فإنني أعلن لسيادتكم أن الفئة الشعبية المقتنعة بذلك لم يحصل لها لسواد عيون الرجال أولقانون الانتخاب، أولثقة تامة في النظام، أولمجرد المشاركة فقط، أوهرولة إلى الأمام، أواستهتارا بقيم الحريات والمناكفات، أوإدارة الظهر لإخواننا المخالفين الأحرار في رأيهم، الذين لم يقنعونا بسلامة عاقبة تفعيل المقاطعة على المستوى الأمني والاجتماعي والجيوسياسي والاقتصادي.وإنما أقدمنا عليها لضرورة إنقاذ البلاد من فراغ طال أمده دون الخروج إلى بر الأمان، ضرورة ألجئنا إلى الخروج بها من المسدود، فنحن مكرهون لأجل بلادنا لا أبطال، (مكره أخاك لا بطل)، أقدمنا عليها لما نجده رأيَ العين بخبرتنا التي صقلتنا بها السنون، ولا نريد لأجيال غيرِ خبيرة أن تبتلى كما ابتلينا في التسعينات بالخصوص، أوكما ابتلي إخواننا في سوريا والعراق وليبيا واليمن وغيرها من البلدان المسلمة التي أنهكتها بؤر التوتر، ثم عادت إلى النقطة التي أبت البدء منها، كي لا نستنسخ ذلك الردى.
أيها السادة المترشحون إننا قارنا بين منافع ومفاسد كلٍ من المشاركة والمقاطعة فوجدنا أرجح المنافع في المشاركة وأرجح المفاسد في المقاطعة، وارتأينا جلب المنافع المظنونة ودرء المفاسد المتيقنة.
وإن كان في قناعة إخواننا المقاطعين أن المشاركة مفسدة فمفسدة المقاطعة في رأينا أعظم يجب درؤها بارتكاب أدناهما وهي المشاركة.
إن ما دفع طائفة ثقيلة من الشعب (أغلبية، أم أقلية، أم مناصفة) إلى الدخول في المعترك الانتخابي هو الفوضى اليقينية، والخراب المتوقع، والاستلام العسكري المشرعن، والضغوط الدولية السافرة الماكرة، والفترة الانتقالية الخطيرة، والمجالس الرئاسية المؤقتة المدمرة، ما يوقع بالبلاد والعباد في هرج ومرج لا نخرج منهما إلا بعد أن يستحِرَّ الحديد والنار بين إخوة الوطن الواحد.
لقد انتهجنا هذا الخيار لتفويت الفرصة على شرذمة في الداخل والخارج تُلِحُّ على استمرار الفراغ لقضاء مآربها في تسريح أشبابهها من عصابة المال والإعلام والأمن والسياسة، ولن يتحقق لها ذلك إلا بتعطيل مفرزات الصندوق، لسان حالها يقول(نحكمكم أونخربكم).
إنني أتقدم بين أيديكم محملا إياكم تبعة ثقيلة لن يبدأها الفائز منكم (بشفافية، أوتزوير، أوبعض شفافية) بسلام وقد لا يخرج منها بسلام، فَقَلَّ السالمون من مخالب  السلطان.
إن أمامكم أمانة ثقيلة، فعليكم رجاء التكليف بها قبل رجاء طلبها والفوز بها، لأن من كلف أعين، ومن أراد وُكِّل إلى نفسه وأمره.
ليحرص الفائز على الأولويات العاجلة كتلبية مطالب الحراك الشعبي المشورعة الممكنة الواقعية.
إنني أحمله أمانة الدين والأنفس والأعراض والأموال، فإنها كليات الشريعة (ونحن شعب مسلم)، وقيم الخليقة.
إن أمامه أولوية إعادة بسمات الأمل لهذا الشعب الذي لم يتحرك ليدفع السوء كي يجثم على صدره السوء.
إن عليه تهدئة الوضع بالشرعية التي سيحصل عليها ولو دستوريا، بالنظر العاجل في تنظيف المحيط السياسي والأمني والاجتماعي والمالي والاقتصادي قبل أي مجال آخر، ولو بوضع أسسها القاعدية، وعلى رأسها النظر في تعديل أهم قواعد الدستور، وسن قانون انتخابي يضمن النظافة التامة والنزاهة الشفافة والظروف المناسبة الكاملة لاطمئنان الشعب على أصواته في مختلف الاستحقاقات، ويقيم الحجة على المتمسكين بشماعته للفرار من امتحان الصندوق، ولا يهمنَّه شخصه في ذلك، فإن المصلحة الكبرى هي ثواب الله ورضاه. 
فإذا تم له ما سبق واطمأنت النفوس وهدأت الخواطر وسكنت القلوب، فإنني أقترح عليه إما إتمام عهدته لإستكمال بعض نقائص الإصلاحات إرضاء للشعب وإنهاء لكل المهمات، أوالإعلان عن تنظيم انتخابات رئاسية مسبقة تحت ضوء ساطع يضمن لكل مواطن المساهمة الخالية من الريب والشك لبناء البلاد وانطلاقتها من جديد تحت حضن جناح العدل والسلم والأخوة وتراص الصفوف.
إنني على يقين أن هذه السبيل لو سلكها بصدق كما اقترحتها عليكم بكل أخوة وصدق وإخلاص، فإنه سيأتي اليوم الذي نفرح فيه بنصر الله على الشيطان ثم على كل متربص بنا، لننعم بوحدة قوية تنكسر بها كل محاولة آثمة.
تقبلوا مني أيها السادة المترشحون تمام الاحترام والأمنيات الصادقة العميقة في خروج آمن لبلدنا من مأزق أوقعنا فيه أعداؤنا.
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.

الأستاذ سعدالدين شراير

أستاذ مادة العلوم الإسلامبة في التعليم الثانوي، متخرج من جامعة الجزائر العاصمة بشهادة ليسانس في العلوم الإسلامية، خبرة 37 سنة تدريس

أحدث أقدم