محطات بعد الانتخابات

المحطة الثانية:
جانب السلطة:
إن على الرئيس المنتخب استشعار الأمانة التي رغب في أدائها ووافق عليها الناخبون، وعلاقتها بعاقبته في الدنيا.
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللَّهُمَّ، مَن وَلِيَ مِن أَمْرِ أُمَّتي شيئًا فَشَقَّ عليهم، فَاشْقُقْ عليه، وَمَن وَلِيَ مِن أَمْرِ أُمَّتي شيئًا فَرَفَقَ بهِمْ، فَارْفُقْ بهِ.رواه مسلم.
ومراقبة حساب الله له في الآخرة، أو مكافأته، قال تعالى في سورة النساء (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا).
إن عليه العلم بأنه أتى في ظروف استثنائية،، ومن ثم عليه ترويضها لصالح استقرار البلاد لا لشخصه، لأن الناخبين أدوا حقهم جلبا لمنفعة الأمن والهدوء والاستقرار، ودرء لمفسدة الفوضى والخراب والحرب المخطط لها من متربصين.
إن عليه أن يعمل على ترقية الشرعية بملموس ميداني بتنفيذ التزاماته، خاصة العاجل منها، استجلابا للثقة في الانتخابات والشرعية، بالود العملي.
إن على السلطة الجديدة ما يلي:
1/ الحرص على تزيين واجهتها بتنصيب حكومة ذات كفاءات حقيقية لا وهمية، من الشباب أوغيره، وتوديع مرحلة منح امتياز المنصب ومكانته الاجتماعية وراتبه المالي على حساب مصالح العباد والبلاد.
2/ التعجيل بحوار مع مختلف الفاعلين من أطياف الشعب الجزائري ممن سلمت ألسنتهم وأيديهم إزاء البلاد، ولم يثبت لهم تحريض ضد سلامتها لحساب خرابها خلال فترة الفراغ، أوتخابر مع جهات أجنبية،، تكون محاوره أساسا،، الحريات الفردية،، تحرير القضاء،، الحرية الإعلامية بالعدل والإنصاف مع الضوابط الأخلاقية،، الوصول إلى مبادئ وقواعد أولية لقانون انتخابي يضفي النظافة والنزاهة والشفافية التامة، لتعرض تفاصيل مواده على الشركاء السياسيين، للإثراء والإضافة وإصلاح أي نقص فيها، للمرور إلى مفرزات الصندوق بدون تعيينات ولا امتيازات ولا محاصصات وانتخاب مجالس شعبية جديدة على ضوئه، تستفز الوفاء الشعبي لسلطة منحته حقه في الاقتراع،، وتعبر عن وعائه الحقيقي، وبعدها إلى رئاسيات عربونا سلطويا على الاعتراف للشعب برغبته في بلوغ شرعية رئاسية تصل على الأقل إلى نصف مشاركة شعبية، رغم أنها لا تتعدى في العالم مثل هذه النسبة المحصلة، إن لم تكن أقل.
3/ الإسراع في مقاضاة مسجوني الرأي الحقيقي والنظر في كل من ثبتت براءته بدء بمعتقلي التسعينات إلى يومنا هذا، لأن الأزمة ليست وليدة الحراك المعاصر فقط، إقرارا لتهدئة تنشر شيئا من الثقة قبل انطلاق مسيرة الشراكة السياسية.
4/ الإسراع في استرجاع الأموال المنهوبة لأن الشعب يريد الملموس في هذا الإطار.
5/ الالتفات إلى جرائم الانقلاب التسعيني الذي أراق الدماء البريئة لأن عائلات كثيرة استحر بقلوبها ألم فراق أحبتها دون شفاء عللها، وإرواء غليلها.
6/ إعادة النظر في القوانين والتشريعات الخاصة بالجرائم السياسية والمالية لممارسي الحكم لأن ما يراه المراقبون اليوم لا يعدو كونه جنحا لا جرائم، والشعب يريد رؤية من ساموه سوء النكال في عقيدته ونفسه وعرضه وماله، مؤاخذين بجريرة صنائعهم على قدر جسامة الجرم.
7/ فتح المجال السمعي البصري الإعلامي بتجرد أمام الجميع ليتيسر لكلٍ طرح رؤيته مقابل الالتزام بأخلاق البناء لا الهدم، جلبا لثقة المتابعين في الوسائل الرسمية، بعد زهد فيها، ورغبة عنها.
8/ تعديل الدستور بإصلاح تدريجي متواصل يناقشه مجلس شعبي وطني جديد منتخب عوض عرضه على استفتاء عام لسببين في رأيي:
أ) نيابة البرلمان الجديد الموثوق به عن عامة الشعب.
ب) جهل العامة بكثير من علوم القانون الدستوري وقواعدها مما لا يُحَصِّلُ فائدة من إقحامها في هذا الشأن، بل قد يُعَرِّضُ مصيره إلى الهرج والمرج وتجاذبات عسيرة قد تعصف بأي توافق سياسي بعد الحوار المرتقب.
9/ الحرص على تجسيد الرغبة الشعبية العارمة في إنهاء الوصاية الفرنسية خصوصا والدولية عموما والتعامل المستقل بمنطق المصالح المتناظرة عوض الهيمنة المهينة.
هذه نظرتي إلى واجبات السلطة الجديدة تجاه كل المسائل المطروحة، كسبا لتعاطف الرعية المستعدة للنضال الملتحم مع حاكمها لو صدقت النيات وصلحت الأعمال.

الأستاذ سعدالدين شراير

أستاذ مادة العلوم الإسلامبة في التعليم الثانوي، متخرج من جامعة الجزائر العاصمة بشهادة ليسانس في العلوم الإسلامية، خبرة 37 سنة تدريس

أحدث أقدم