حوارنا بين الأذهان الفارغة والعامرة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
لقد تعلمنا من ديننا القيم مبادىء التواصل والحوار وأدب الحديث، ومنه عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الحَيَاءُ وَالعِيُّ شُعْبَتَانِ مِنَ الإِيمَانِ، وَالبَذَاءُ وَالبَيَانُ شُعْبَتَانِ مِنَ النِّفَاقِ» رواه الترمذي.
ولأن الخطأ بشري فقد يخالف هذه الآداب بعض الناس، لكن المؤسف أن الكيل بمكيالين لايزال قائما حتى في تنفيذ الأخلاق، إذا أخطأ شخص قامت الدنيا، وإذا صدر من آخر مر الأمر عاديا.ومن الأدهى أن كثيرا من بني جلدتنا يصدعون رؤوسنا بالإنكار على العنف اللفظي والمعنوي والبدني، لكن إذا صدر منهم يصبح التـفسير شيئا آخر، لا لشيء إلا لأنهم يكرهون الدين والتدين، ينبذون الإرهاب اللفظي، أما إذا استمعوا أوقرؤوا لغيرهم ردوا عليهم بأفحش الألفاظ غير آبهين بما يضجون مسامع الناس، بردود عنيفة على الناشرين، وتهم باطلة، غير متأهبين لحوار هادىء هادف، خشية اقتناعهم ثم التزامهم.
لا أتمنى أن يكون لهؤلاء قلوب مريضة، وذهنيات معتوهة، ونفسيات مكلومة، ومعنويات ضيقة، وسرائر حاقدة.
إن بناء العلاقات أوحب الوصول إلى الحقائق لن يكون إلا بفهم الآخر والحصول على فرصة إفهامه بعد ذلك، وإن الانتصار للحق لن يكون إلا به، وحتى انتصار أحدهم للباطل لن يكون إلا بهذا النحو، لكن المنتصر للباطل في أي مجال يعرف مسبقا بطلان حججه فيلجأ إلى لجاجة في ألفاظه صرفا للحق عن الظهور.

أنصح كثيرا ونحن في عصر سرعة المعلومات، وسرعة انقشاع الحقائق، أن نلتزم الهدوء في الردود لفظا أوكتابة، في نطاق شخصي أوجماعي، لأن عقول المجتمعات ليست بلهاء حتى تقبل أي فكرة دون تمحيص، أوعنف الحديث. 
ثاني ما أنصح به ابتعاد المختلفين عن الحقد على الدين والمتدينين، لأن من اليقين أن يأتي يوم من الحياة يتوب الشخص ويندم كثيرا على التـفريط والإفراط والغلو. 
ثالث ما أنصح به الولوج العميق في العلم والتعلم فإنه الكفيل بإدارة حواراتنا وعلاقاتنا، لأن العلم هو المانح للهدوء والغلبة عند الخلاف .
لابد لكل متدخل في مجال ما من النظر إلى قابل الزمان، وليعمل بحكمة "أحبب صديقك هونا ما لعلك تبغضه يوما، وابغض عدوك هوان ما لعلك تحبه يوما"
نحن في حاجة ماسة إلى تأسيس أسرة اجتماعية قوية بمرونة الحديث واحترام الآخر لتنشأ نفوس متـفتحة مرتاحة بعيدة عن التعصب والكراهية وضيق الأفق والصدور.
فلنعمل على قوة هذا الإطار، لأن سنوات الدموع والدماء خبرة لكل حكيم. 
الأستاذ سعدالدين شراير

أستاذ مادة العلوم الإسلامبة في التعليم الثانوي، متخرج من جامعة الجزائر العاصمة بشهادة ليسانس في العلوم الإسلامية، خبرة 37 سنة تدريس

أحدث أقدم